وصف الكتاب:
يتناول الشاعر عبد الوهاب البياتي الذي شهدت القصيدة العربية في عطاءاته تألقاً وثراءً وارتقاءً، مبنىً ومعنىً. ومن مآثر البياتي أن شعره مرّ بمراحل متعددة، لكنه في كل مرحلة كان قادراً على تقديم آثار متميزة تبلغ درجة رفيعة من الجودة والتجديد. ففي أباريق مهمشة طرح البياتي أوضاعاً مجانبة عبر شخصيات الجواب والأفاق والمغامر بانياً القصيدة على أنها لوحة تعتمد في تشكيلها الفني على التراكم، والحركة تنشأ من الصراع أيديولوجيتين تمثلهما قوتان أو شخصان أو وضعان. في المرحلة الثانية (1954-1964) يحارب البياتي بشعره عالماً جاحداً، ويغدو الشعر سلاحاً والشعر نموذجاً للتضحية والمعاناة، ويغدو الاغتيال هاجساً يوحي إليه بصورة الشاعر المشرد القتيل-العائد. فالغريزة الفنية في تلك المرحلة وحدها نمت في الشاعر إحساساً بالموضوعية، والغريزة الفنية وحدها انتقت تقنية "القناع" وسيلة لتحقيق انتماء الشاعر نحو الموضوعية في مرحلته الثالثة "سفر الفقر والثورة" (1965)، حيث تلبس قناع الحلاج فقدم تجربته الروحية في التجلي والشهادة، وفي مقابلها قدم تجربة المعري الفكرية. وهكذا قدم الشاعر رؤيا النموذج البدئي للتجربة الحضارية العربية بالتدرج: من سمت التجلي والحلول، إلى عالم التفسخ السياسي منظوراً إليه من عقل المعري النقدي، إلى رؤيا الشاعر وبعدها رؤيا المهرج التي تعرض العالم من أسفل محور الإنسانية. هذا على صعيد الموضوع، أما على صعيد الشكل، فقد أضاف الشاعر البياتي إلى تقنياته السابقة تقنيات الرموز الصوفية التي استعملها ابن عربي في "ترجمان الأشواق" فجاء شعره جديداً مجسداً على صعيدي الشكل والمضمون. وللقارئ الاستزادة من إبداعات البياتي من خلال أعماله الكاملة التي بين يديه.