وصف الكتاب:
يتناول المؤلف مادته العلمية في هذا الكتاب موضوع حول حقيقة العلاقة بين الأخلاق الدينية والفلسفية والنقد الأدبي عند العرب من القرن الثالث حتى القرن السادس الهجري وقد لاحظ الباحث إن العرب في العصر الجاهلي, كانوا يتوفرون على مثل أخلاقية كثيرة, أعلى الإسلام من شانها واستأصل ما يناقضها, بما تضمنه القرآن الكريم والحديث الشريف من حض على حسن الأدب والخلق. وقد وضع الفقهاء المسلمون بوحي من هذا الأثر البالغ مؤلفات كثيرة, دارت كلها من حول (مكارم الأخلاق) وكيفية اقتنائها واجتناب سواها. ومع إن الفقهاء استندوا في تحفظهم على بعض الأغراض الشعرية إلى بعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة, إلا إن معظم النقاد العرب. كما أظهرت هذه الدراسة فسروا هذه الآيات والأحاديث تفسيرا ظرفيا ونصيا, أكد الوظيفة الاجتماعية الخطيرة التي أسندها الرسول (صلى الله عليه وسلم) للشعر. لقد اضطلعت حركة الترجمة في العصر العباسي بدور الناقل للفلسفة اليونانية, فاستأثر أرسطو في خضم هذه الحركة باهتمام فلاسفة المسلمين, خلال الأخلاق ووظيفة الشعر التي مالوا بخصوصها إلى أفلاطون, بحكم التقارب بين الإسلام والأفلاطونية. ومع إن هذا الأثر الأفلاطوني عزز الاتجاه الأخلاقي الثاوي في الثقافة العربية, إلا انه ظل ثانويا بالقياس إلى اثر العقيدة الإسلامية. إن تحفظ الفقهاء على بعض الأغراض الشعرية, مثل الغزل والهجاء ووصف الخمر, ليس سوى نتائج بعد العهد بالإسلام وانتشار اللهو والمجون, فغدت الوحدة الأخلاقية للمجتمع الإسلامي مهددة, ومع ذلك فقد ظل هؤلاء الفقهاء أكثر تسامحا في الشأن الاجتماعي, قياسا إلى الشأن العقائدي الذي لم يتسامحوا بشأنه إطلاقا, وقد تابعهم النقاد في هذا التشدد أيضا, إذ زعم انحياز معظمهم للقيمة الفنية, إلا أنهم تصدوا لأية مبالغة أو غلو يمكن إن يخدش العقيدة. وقد جاءت هذه الدراسة, في مقدمة وتمهيد وبابين رئيسيين وخاتمة, فاستعرض الباحث في المقدمة مبررات وأهداف ومعوقات ومنهج دراسته, وخصص الباب الأول لدراسة الأصول الفكرية للنقد الأخلاقي في فصلين, افرد الأول منهما للأصول الدينية, وافرد الثاني للأصول الفلسفية. إما الباب الثاني فقد خصصه لدراسة العلاقة بين الأخلاق والنقد الأدبي في ثلاثة فصول. تناول الفصل الأول : قضايا الأخلاقية في النقد الأدبي. الفصل الثاني : خاصا بالوظيفة الأخلاقية للأدب, الفصل الثالث : لدراسة النقد التطبيقي في ضوء الأخلاق.