وصف الكتاب:
يتناول المؤلف الشريف الرضي انموذج الشاعر المبدع الذي سقى زرعه بالإغتراب العميق، وبعيد الغور، والمتجذر في النفس، وفي الزمان، وفي الكان، وتبرز الغربة في شعره عبر مئات الصور الشعرية الحزينة، والرثائية، والبكائية، مثلما هي بارزة في حياته التي تقسمتها التعاسات. ويعتبر منطلق الإغتراب، وأساسه العميق في نفسية وحياة وشعر السيد الرضي، ثنائي المجد والفجيعة، الذي اكتسب بعده التاريخي في قطاع طويل من المسلمين، هو قطاع الطالبين، والذي أصبح بامتداده عبر الحقب الزمنية ذا سمات ايديولوجية واجتماعية راسخة. ويقوم الثنائي المذكور على حقيقتين تنطويان على مفارقة مأساوية: الحقيقة الأولى مجد الشريف الرضي وأسرته الذي ينطلق في الحسب والنسب من الإمام علي بن ابي طالب وأهل بيت النبي. أما الحقيقة الثانية فهي مقاتل الطالبيين، والفجيعة الحسينية الكبرى. وتكمن المفارقة الدامية أن النسب المجيد، بدلاً من أن يقود إلى امتياز مكانة الحق والقيادة وتصريف أمور الناس من قبل سلالة أهل بيت النبي، فإنه قادهم إلى حتوفهم، وإلى مواضع الإضطهاد العاتي. والطعنة الغادرة التي أنهت حياة الدنيا لعلي بن أبي طالب كانت قد وضعت أهل البيت في نقطة المفترق. في حين جاء استشهاد الحسين بن علي يوم الجمعة العاشر من محرم سنة احدى وستين، ذروة المأساة التي تترد صيحتها بين جنبات العالم الإسلامي بهدير لم يهدأ أبداً بل في ازدياد.