وصف الكتاب:
يعتبر التراث الشعبي في أي أمة ضمير الشعوب وذاكرتها والمعبر عن أحلامها وتطلعاتها. والسير الشعبية فن هام له خطره ومكانته بين فنون التراث الشعبي ”كما أن للسير الشعبية مجالها المتميز والخاص أيضاً في الإبداع الفني الشعبي فهي تروى للكبار والصغار ويستمع إليها أبناء المجتمع دون تمييز أو تحيز لأنها تقدم دون حواجز أو داخل أبواب مغلقة”( ). والسيرة الهلالية واحدة من أبرز السير الشعبية وأوسعها انتشاراً في العالم العربي. وهي كذلك : ”أنموذج من الإبداع الشعبي. فيها أرسى الشعب شكلاً ومفهوماً خاصاً به. أرسى قواعد فنية معقدة للغاية. وعلينا- نحن – أن نستوعب هذه الأساليب الفنية التي ابتدعها الشعب لنقطع المسافة التي تفصلنا عن ناسنا.” ( ). الدراسات السابقة حول السيرة الهلالية : أقدم على دراسة السيرة الهلالية عدد كبير من الباحثين والدارسين. وانبرت الأقلام تحبر البحوث والدراسات حول الهلالية. ”فمنذ أواخر القرن الماضي – وبالخصوص منذ الدراسة التي نشرها المستشرق الألماني هارتمان حول بعض المخطوطات الهلالية التي صنفها العالم الألماني أيضاً أهلفارد – ما انفكت الأقلام تحبر الصفحات بشأن هذه السيرة الشعبية التي تعتبر بحق فريدة من نوعها – كماً وكيفاً – بين السير الشعبية العربية. وكان التحبير – وما زال – إما بجمع روايات سيرة بني هلال في بقاع العالم العربي – وهي بقاع لا حصر لها – وإما بدراسة وثائقها المخطوطة والمطبوعة والمروية.”( ). وقد ذكر (عبد الرحمن أيوب)( ). أنواع الدراسات التي قامت حول الهلالية فكان مما ذكره ما يلي : • الدراسات التي تربط السيرة وحوادثها بالتاريخ . • الدراسات التي تصف نصوص رواياتها من جانب لساني صرف. • الدراسات التي أخذت من المقارنة بطرف فسعت إلى إبراز القيم الجمالية في نصوص تروى بلسان الشعوب. • البحوث القليلة التي اجتهد أصحابها في تطبيق بعض مناهج النقد الحديث على السير الشعبية بعامة والهلالية بخاصة. • البحوث التي تعلقت بإبراز العلاقة بين إنشاد النصوص الهلالية والأداء الموسيقي. وكذلك العلاقة بينها وبين الفنون التشكيلية وغيرها. • البحوث التي حاولت إدراك أسباب انتشار السيرة الهلالية خارج أقطار العالم العربي وفي بعض البلاد الإفريقية المسلمة بصفة خاصة. وكذلك أسباب تقلصها في بعض الأوساط الشعبية. • البحوث التي طرحت طرق تحقيق النصوص الهلالية المخطوطة وترجمتها إلى غير العربية من اللغات. أما (عبد الحميد حواس) فيشير إلى طبيعة الدراسات المعنية بالهلالية. يقول: ”عندما أدخلت ”السيرة الهلالية” إلى دائرة البحوث والدراسات العلمية اهتمت هذه الدراسات – أساساً – بالتعريف بها أو بأجزاء منها والدراسات التي مضت خطوات أبعد من ذلك اتجهت إلى الاهتمام بالموضوع القصصي في السيرة أو في أجزاء منها، وقد أثارت هذه الدراسات – في عمومها – المشكلات التاريخية والجغرافية حول انتشار السيرة. كما نبهت الأذهان إلى الدلالات الأدبية والاجتماعية التي تنتج عن دراسة موضوعات هذه السيرة) ( ). تلك كانت أنماط الدراسات التي خطت حول الهلالية. أما دراستي هذه فقد عنيت بـ (المرأة في السيرة الهلالية) . فلماذا كان اختياري لهذا الموضوع؟ لماذا الهلالية دون غيرها من السير الشعبية التي استرعت انتباهي فأقدمت على دراستها؟. ولماذا انصب اهتمامي على المرأة في تلك السيرة؟ هذا ما سأعمد إلى توضيحه في السطور القليلة التالية: أسباب اختياري للموضوع : أولاً : أسباب اختيارى للسيرة الهلالية دون غيرها من السير الشعبية: وقد كان اختياري للسيرة الهلالية لتكون مجالاً لدراستي اختياراً متأنياً غير اعتباطي دافعه ما لهذه السيرة من أهمية كبرى بين السير الشعبية – بخاصة – بل وبين فنون الأدب – بوجه عام – وقد اختصت هذه السيرة بسمات تفردت بها عن غيرها من السير، تلك السمات قد منحتها مكانة بارزة بين السير الشعبية مما حدا بي إلى الإبحار فيها وسبر غورها فكانت مجالاً خصباً وغنياً لدراستي هذه. سمات السيرة الهلالية: • سيرة جماعة : ”الهلالية قصة شعبية تختلف اختلافاً كبيراً عن سائر القصص التي نعرفها فسيرة بني هلال ليست سيرة فرد بل جماعة ، وحوادثها الرئيسية وقعت في غربي العالم الإسلامي لا في شرقيه.” ( ). فكونها سيرة (جماعة) لا فرد جعلتها أكثر ظهوراً في تنوع الأحداث وتشعبها بل وتعدد الأبطال وتنوع العلاقات فيما بينهم ومن ثم أضحت مجالاً أرحب للدراسة لاسيما فيما يتعلق ببطلاتها النساء.