وصف الكتاب:
الأسانيد من خصائص هذه الأمة؛ وقد عصم الله بها الدين من عوادي الفتن الملمة. فينبغي الاعتناء بها اقتداء بالسلف وحفظًا للعلم الشريف من التحريف والتلف. وهي أنساب الكتب، التي تكشف عن طرق تلقينها أستارَ الحجب؛ وهي كذلك أوثق سبب يستمسك به مَن إلى العلم انتسب، لتكون برهان صدقه عند الامتحان، وعنوان سبقه في ميدان الرهان، وبها يحفظ العلم ويصان، ويظل حماه في حصن وأمان؛ وهي سلاح حامل العلم القائم مقام سيفه وترسه، وإذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يدفع عن نفسه؟ ولولا الإسناد لقال من شاء ما أراد. وكان أخذ العلم من أفواه الرجال، وتلقيه عنهم بأسانيد الاتصال؛ عصمة وأمانا من الضلال والإضلال. وقد كان مشايخ المحظرة الشنقيطية يقولون: الرواية هي أم الدراية، وأخذ العلم من أفواه الرجال لا من بطون الكتب. ومن المأثور من أقوال الشناقطة قولهم: "من أخذ التوحيد من بطون الكتب خرج من الإسلام، ومن أخذ الفقه من بطون الكتب غير الأحكام، ومن أخذ النحو من بطون الكتب لحن في الكلام، ومن أخذ الطب من بطون الكتب قتل الأنام". وقد جاء هذا السفر المبارك رغبة في توثيق سند المؤلف حفظه الله في العلوم المحظرية، التي ظل عليها الاعتماد من أهل البلاد الشنقيطية؛ وهي أثمن ما لديهم من كنز مستفاد، وأحسن ما عليهم من حلى مستجاد. وقد بذل حفظه الله جهدًا كبيرًا في تصحيح هذا السند وتحقيقه، وجمع شتاته من مظانه وتوثيقه؛ وساقه مساق الأنساب في تسلسل مستطاب؛ وسط بين الإطناب والاقتضاب. وقد ضم إليه مؤلفه لمحات موجزة عن أهم العلوم، فجاء الكتاب بحلته القشيبة وثوبه الزاهي، يختال بين طلبة العلم لينهلوا من معينه الصافي، ويرتووا من مائه العذب الزلال