وصف الكتاب:
لمحته طمية وسط ظلمة الشتاء في ليلة بارقة وأبهرها بياضه الذي أنار عتمة الليل الداكنة. كان حباً من النظرة الأولى زلزل وجودها وأدخلها في حيرة من أمرها. جذورهما عميقة، والمسافة بينهما بعيدة، ولونهما مختلف. هي من هذه الأرض المقدسة، سمراء أصيلة، فخورة بتراب أرضها. وهو ضلع أبيض من تلك الأرض الشمالية البعيدةِ الباردة، لا تعرف عنه شيئاً ولم تره سوى مرةً واحدةً فقط، ولكنها كانت كافية لسلب قلبها فأحبته حباً عظيماً قض مضجعها وأشعل بركاناً في أحشائها. حاولت طمية مقاومة مشاعرها وإخماد النار التي أوقدها قطن بداخلها دون جدوى. أيقنت طمية أن رحلة الحياة قصيرة وأنها لن تبقى أسيرة أرض لا برد فيها، فقد سئمت حرارة هذه الأرض بالرغم من بركتها وأثقلتها رتابتها، وزاد سأمها منها بعد أن أوُقدت نيران العشق بداخلها، وأيقنت أن قربه سيكون برداً وسلاماً عليها. استجمعت صلابتها وأحست بخفة لم تعهدها من قبل، فجذورها المتأصلة في هذه الأرض المباركة عتيقة ومتشعبة.