وصف الكتاب:
بناء الدولة الوطنية ما يزال التحدي الأبرز الذي يواجه المجتمعات العربية. وبالتأكيد لا يمكن بناء دولة وطنية وحديثة من خلال الارتكاز الارتكاسي على الهويات الفرعية، فالدولة الوطنية التي نجحت في أوروبا في بناء هوية وطنية جامعة لم يستلهمها العرب بعد. طبيعة نشأة الدولة العربية وأثر العامل الكولونيالي وعدم تجذر الثقافة الديمقراطية في المجتمعات الأبوية والتسلطية، هي كلها عوامل ساهمت بشكل كبير في تكريس الأهمية الكبيرة للهويات الفرعية والانتماءات المناطقية والجهوية، وذلك في سياق الحصول على مكتسبات أو الدفاع عن تغول الدولة الحديثة غير الديمقراطية. هذه الفرادة في الصّياغة اللّغويّة التي شكّلتها أفكار القاصّ جعفر العُقَيليّ تلتفُّ بغلالةٍ رقيقةٍ من الشّعريّة، عن طريق تخصيص أدواتٍ عالية الجودة، لا يملكها سوى خيّال متمرّس بفن الاعتلاء ثمّ الانطلاق، فقد ترعرعت شعريّة قصصه في قمم الجدل وسُحُب المخيّلة، مع الحرص على شدّ وثاق حواسّ متلقّيه، بحيث يكون مرنًا بين الفينة والفينة، فلا تَكَلُّف عقيم، ولا شَطَط مُبْهَم، فقد حلّق في فضاءِ روحه العابثة. ولعلّ جرأته في التّخلّي قاصدًا التّدلّل هي ما جعل متلقّيه مأسورًا، مشدوهًا لا يقوى على الفكاك، محاولًا إعمال مَلَكة تخيُّلاته، تائهًا بين الشّكّ واليقين في تأويلاته، خصوصًا حين يعمد إلى لعبة الفكّ والتّركيب.