وصف الكتاب:
مقدمة المراجع بقلم ماجد شُبَّر تفتقر المكتبة العربية إلى الدراسات الدينية المقارنة بين الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية بشكل عام والصلاة بشكل خاص، وتكاد تكون دراسة المرحوم العالم جواد عليّ (تاريخ الصلاة في الإسلام) الدراسة الوحيدة التي وُجدت يها بعض المقارنات البسيطة بين الصلاة اليهودية (التفيلّاه) والصلاة اليومية الإسلامية وكذلك بين صلاة الآحاد (الأحد) المسيحية وصلاة الجمعة الإسلامية وغيرها من الشعائر. يقول جواد عليّ في كتابه (تاريخ الصلاة في الإسلام): «لقد ذُكرت الصلاة في القرآن الكريم بعدد من الآيات، دون أن يتمّ تحديد أوقات الصلاة وعدد الركعات ولا في هيئتها وكيفيتها المتعلقة بالسجود والركوع. لقد أجمعت المذاهب الإسلامية قاطبة على أن الصلوات المفروضة في اليوم خمس صلوات وأجمعت كذلك على عدد الركعات، في صلاة الصبح ركعتان، وصلاة الظهر والعصر والعشاء أربع ركعات، أما صلاة المغرب فإنها ثلاث ركعات. ولم تختلف المذاهب الإسلامية قديماً وحديثاً في الشكل الأساس للصلاة. لقد اعتمد المسلمون في تحديد أوقات الصلاة وعدد الركعات وشكل جميع الحركات المتعلقة بها على السُّنَّة النبوية في هذا الأمر». تُعدّ البحوث الثلاث في هذا الكتاب أول دراسة مقارنة شاملة عن الصلاة بين الأديان المذكورة أعلاه وبعض الشعائر الدينية، وتظهر هذه الدراسة التشابه والاختلاف بين الصلاة اليهودية والإسلامية وصلاة الأحد المسيحية وصلاة الجمعة الإسلامية وبعض الشعائر الإسلامية التي نقدّمها للقارئ العربي. أولاً: بحث البروفيسور ميتفوخ: دراسة مقارنة بين الصلاة اليومية اليهودية فهي صلاة الصبح وصلاة الليل التي يُطلق عليها شماع (أي سماع) يا إسرائيل وثم صلاة التفيلّات الثلاث وهي صلاة الصبح شحريت (سحريت) وصلاة العصر منخة (منحة) وصلاة المغرب عربيت مع الصلاة الإسلامية اليومية. وتشمل المقارنة كل أركان الصلاة وشروطها، وكذلك بعض شعائر العبادة. ثانياً: بحث البروفيسور كارل بيكر: دراسة مقارنة بين صلاة الآحاد (الأحد) المسيحية وصلاة الجمعة الإسلامية وعن صلاة الأعياد. ثالثاً: بحث البروفيسور كارل بيكر: دراسة عن تاريخ نشوء المنبر والغرض منه وكيف أصبح مقعداً للحاكم أو الخطيب. لقد عملت على جمع هذه البحوث المترابطة ذات المنهج العلمي التي استهديت عليها من خلال عملي البحث في المجلات الألمانية وتقديمها في هذا الكتاب. وعملت على تثبيت النصوص العربية من مصادرها الأصلية والنصوص الدينية الأخرى التي اعتمدها المؤلفون، وكذلك وضعت بعض الهوامش والتعليقات والشروح، كما أضفت دراسة عن المؤلفين والمترجم. عن المؤلف أويغن ميتفّوخ بقلم: ماجد شُبَّر كان أويغن ميتفوخ مؤسس الدراسات الإسلامية الحديثة في ألمانيا ، وفي الوقت نفسه باحثاً يهودياً بارزاً. ولد في بولندا في 4 كانون الأول 1876م. توفي في 8 تشرين الثاني 1942م، في لندن. له العديد من الدراسات والبحوث ندرج قسماً منها: - نقوش عبرية من تدمر. (نقوش باللغة العبرية في تدمر). 1902م. - ابن سعد: سيرة محمد في الإسراء . (سيرة محمد حتى وقت رحلته). نُشرت من قبل أويغن ميتفوخ وإدوارد ساشاو سنة 1905 رقمي. - الكتب المدرسية العربية لطب العيون. (الأدلة العربية لطب العيون). نشره I. Hirschberg ، بالتعاون مع I Lippert وE. ميتفوخ. 1905م. - النشاط الأدبي لحمزة الإسباني. (النشاط الأدبي لحمزة الإسباني). مساهمة في تاريخ الأدب العربي القديم. 1909م. - ألعاب الأطفال الحبشية. 1910م. - النقوش العبرية في كنيس حلب. (النقوش العبرية في كنيس حلب) من قبل م. سوبرنهايم. 1915م. - سيرة محمد ، 1917م. - العبرية الأصل. (اللغة العبرية). 1923م. - النطق التقليدي للإثيوبية. (النطق التقليدي من الإثيوبية). 1925م. - من اليمن. رحلة هيرمان بورشاردت الأخيرة إلى اليمن (من اليمن: رحلة هيرمان بورشاردت الأخيرة إلى جنوب الجزيرة العربية). 1926م. عن المؤلف كارل بيكر بقلم: ماجد شُبَّر ولد السياسي والوزير والمستشرق الألماني البروفيسور كارل هينريش بيكر عام 1876م في ألمانيا وتوفي عام 1933م، وعمل وزيراً للثقافة بين عام 1921 إلى 1925م في الحكومة البروسية. وهو أحد المؤسسين لدراسات الشرق الأوسط المعاصرة، وهو أحد المصلحين لنظام التعليم في جمهورية فايمر 1918-1933م (وهي التسمية التي أُطلقت على جمهورية وسط ألمانيا في مدينة فايمر بعد خسارتها للحرب العالمية الأولى والتي وُضعت حينها تحت الوصاية الدولية). حياته ولد بيكر وتعلّم في أمستردام ودخل جامعة لوزان وجامعة هيدرنبرغ وبرلين، ثم سافر إلى إسبانيا والسودان واليونان وتركيا قبل حصوله على شهادة الدكتوراه عام 1899م. عام 1902م أصبح أستاذاً مساعداً في الفلسفة السامية في جامعة هايدنبرج، وفي هذه الجامعة تواصل بعلاقة علمية مع العالم الكبير ماكس فيبر. بعد عام 1908م عُيِّن بروفيسوراً للتاريخ والثقافة الشرقية في مكانه الجديد كولون وأسس معهد كولون للدراسات الشرقية، ومن ثم أصبح أستاذاً زائراً للتاريخ والثقافة الشرقية في جامعة هامبورغ. عام 1909م أنشأ مجلة الإسلام وكان محررها، وهي مجلة تتعلق بحوثها بتاريخ وثقافة الشرق الأوسط والإسلام، ولا تزال هذه المجلة قائمة إلى الآن وهي من المجلات المهمة، وتضمّ أعداد هذا المجلة آلافاً من المقالات والبحوث الفكرية والثقافية والتاريخية والفلسفية التي قدّمها وشارك فيها المئات من الباحثين الألمان وغير الألمان. وفي هذه المجلة كتب المرحوم البروفيسور جواد علي العديد من البحوث منها بحث «الإمام الحسين عند العلويين» وهذا البحث مثير للجدل سوف نقدمه قريباً للقارئ العربي. أصدر العالم كارل هينريش بيكر العديد من الكتب والعشرات من البحوث والدراسات منها: - عمر بن عبد العزيز (أطروحة)، 1899م. - المساهمات في تاريخ مصر في ظل الإسلام (المجلدان الأول والثاني) ، 1902 - 1903م. - البردي شوت - راينهارت، المنشورة من مجموعة ورق البردي هايدلبرغ، المجلد 1، 1906م. - المسيحية والإسلام، 1907م. - الإسلام وآخرون لاستعمارأفريقيا، 1910م. - أفكار حول إصلاح الجامعة، 1919م. - المهام الثقافية والسياسية للإمبراطورية، 1919م. - كانط والأزمة التعليمية في الوقت الحاضر، 1924م. - الدراسات الإسلامية: جوهر العالم الإسلامي (المجلدان الأول والثاني)، 1924 - 1932م. - جوهر الجامعة الألمانية، 1925م. - السياسة البروسية الفن وحالة شيلينغ، 1925م. - الأكاديمية التربوية في بناء نظام التعليم الوطني لدينا، 1926م. - بيتهوفن إلى الذكرى السنوية المائة ، 1927م. . مقدمة أويغن ميتفّوخ إذا ما أجرينا مقارنة معمقة بين الشرع الإسلامي والشرع اليهودي يتبيَّن لنا وجود تطابق كبير بين النظامين. ولا يقتصر هذا التطابق على جوانب منفردة تمَّ إبرازها مراراً وتكراراً فيما قبل، بل إنَّ مجموعات كاملة من تصورات، وبالتالي أحكام، الشرع الإسلامي متقاربة مع التصورات والأحكام اليهودية إلى درجة أنَّه من غير الممكن أن يكون هذا التقارب قد حدث بصورة مستقلة، بل إنَّ الدين الأحدث، أي الإسلامي، يجب أن يكون قد أخذ عن الدين الأقدم، أي اليهودي. وهذا لا يقتصر على الشرع الإسلامي فقط، كما كان في زمن النبي محمَّد، بل يشمل أيضاً التطور والتشكل الذي اتخذه فيما بعد والذي يمكننا متابعة مساره التاريخي بصورة خاصة من الأحاديث النبوية. لم يكن محمَّد وحده قد توفرت له الفرصة للتعرّف على الممارسات اليهودية في المدينة، وإنَّما فيما بعد أيضاً - خلال كامل مسار التطور والتشكل الذي طرأ على الشرع الإسلامي - كان لليهودية تأثير فعَّال على الشرع الإسلامي. ففي فلسطين، وعلى الأخص في العراق، كانت هناك تجمعات يهودية مزدهرة كانت غنية بالحياة الفكرية النشيطة؛ ذلك أنَّ انتشار الإسلام أحدث في أوساط اليهود في بلاد الرافدين فترة ازدهار على الصعيد السياسي وعلى الصعيد الفكري الديني على حدٍّ سواء ولعلَّ المنشقين اليهود قد ساهموا بصورة فعَّالة في نقل الأفكار والتصورات اليهودية إلى عالم الإسلام. يمتد تأثير القانون الديني اليهودي ليشمل ليس فقط المفاهيم الأساسية والأساليب التي استند إليها الشرع الإسلامي وتطور بناءً عليها، بل وأيضاً جميع أجزائه وتفاصيله تقريباً. فالأحكام المتعلقة بالصلاة والشعائر الدينية، وبالزكاة والصيام، وبالطهارة الدينية، وبتطهير الجسم من الدنس الذي يلحق به، تشهد على تأثير الديانة اليهودية مثلها مثل العادات والتقاليد الدينية في الحياة اليومية أو في المناسبات الخاصة - الولادة، والختان، والأعراس، والوفيات - ثم المقاطع الحقوقية للتعاليم الدينية. بعض الاستعارات الإسلامية من الديانة اليهودية ستظهر بوضوح أكبر لو كانت لدينا معلومات أفضل عن الممارسات الدينية للفرق اليهودية المختلفة في ذلك الزمان. وذلك لأنَّ الشعائر الإسلامية لا تتطابق مع تلك الواردة في المصادر التلمودية وإنَّما مع شعائر أخرى مذكورة جانبياً فيها. دون استباق عملٍ أكبر معدٍّ منذ زمن أطول يرمي إلى معالجة تأثير اليهودية على الشرع الإسلامي في جميع جوانبه وأجزائه، سأحاول في الصفحات التالية التحدث عن هذا التأثير فقط على تلك الأجزاء من الشرع المتعلقة بالصلاة وشعائر العبادة. والسبب في ذلك مزدوج: أوَّلاً لأنَّ هذه الأجزاء بالذات مناسبة بشكل خاص لإظهار هذه التأثيرات، وثانياً لأنَّه قد تمَّ في الآونة الأخيرة إبراز التأثير المسيحي بشكل خاص على جزء من العبادة الإسلامية ألا وهو: صلاة الجمعة. فقد كتب كارل هينريش بيكّر مقالًا فرّق فيه بنظرة نقدية سليمة، بناءً على الأخبار المتوفرة من الحديث النبوي، بين العناصر المنفردة لصلاة العيد وصلاة الجمعة، وزعم بأنَّ صلاة الجمعة متأثرة جداً بالصلاة اليومية التي يؤدِّيها المسيحيون في الكنيسة. من المؤكد أنَّ هناك تشابهات بين الصلاة المسيحية في الكنيسة وصلاة الجمعة الإسلامية. لكن هذه التشابهات لن تلفت الانتباه عندما يقدم الدليل على تعلق أشكال العبادة الإسلامية بأشكال العبادة اليهودية، لأنَّ الصلاة المسيحية أيضاً - والصلاة المسيحية الكنسية المبكرة بشكل خاص - متأثرة بالصلاة اليهودية. إذا ما أردنا أن نثبت تأثر الصلاة والعبادات الإسلامية بالممارسات اليهودية فلا يكفي أن نثبت فقط وجود تشابهات وتطابقات مع هذه الممارسات، بل إنَّ البرهان سيكون قد قُدِّم عندما لا تجد نقاطاً مختلفة، عند افتراض التعلق بالمسيحية، تفسيراً أو لا تجد تفسيراً كافياً لها، ولكن عند إعادتها إلى اليهودية تجد التفسير المنطقي الكامل. سنقوم في عرضنا بمعالجة، أوَّلاً، الصلوات الإسلامية الخمس كما تُقام في البيت أو جماعياً في المسجد، وبعد ذلك سنعالج صلوات يوم الجمعة وصلوات الأعياد والصلوات التي تُقام في بعض المناسبات الخاصة. عرض أقل