وصف الكتاب:
تلقت الأمة الإسلامية عبر أجيالها المتعاقبة كتاب "الجامع الصحيح، الأمير المؤمنين في الحديث: الإمام البخاري بعين الإجلال والإعظام، وأصلته مكان الصدارة محَلاًّ لا يُضارع ولا يُسامن، فهو كما يصفه الإمام المحدث الفقيه أبو سليمان الخطابي - حمد بن محمد (ت 388هـ) - في أول كتابه "أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري" بقوله: "أصبح هذا الكتاب كنزٌ للدِّين، وركازاً للعلوم وصار بجودة نقده وشدّة سبكه حكماً بين الأمة فيما يُراد أن يعلم من صحيح الحديث وسقيمه وفيما يجب أن يُعوَّل عليه منه". ولم يعتن علماء الأمة بعد القرآن الكريم بكتاب كما اعتنوا بـ "الجامع الصحيح" وصاحبه، فجهودهم وأعمالهم في ذلك منذ عصره وإلى وقتنا يكاد حصرها يستعصي على مبتغيه. ومن نَظَر في دواعي ومقاصد التصنيف السبعة المشهورة التي بسطها العلامة المؤرخ ابن خلدون يجب أن مباحث هذا الكتاب وما اشتملت عليه من موضوعات قد اْجُتهد فيها أن يكون لها نصيب من كل مقصد من تلك المقاصد السبعة: استنباطاً وتتبعاً وتقويماً، وإبانةً لما استُغلق، وتعجُّباً وتصحيحاً لا ينفك عن البرهان الواضح وتتميماً وترتيباً وتهذيباً. وعليه، ومن هذا المنطلق يأتي هذا الكتاب الذي غرضه الرئيسي ضبط شوارد الأخطاء، وتحرير المسائل الشائكة، وتحقيق مناطها وتنقيحها داخل مسالك أهل الرواية والدراية، ودفع إشكالاتٍ في السيرة والمنهج مما علق في أذهان كثير من أهل العلم وطلابه - مختصين وغير مختصين، مع الإنصاف في مورد الإختلاف. وأما منهج الكتاب، فقد تم إبتداءً الإجتهاد في تقديم دراسة حول أطوار الحياة العلمية للإمام البخاري، تحمل نظرةً مبهمية إستقصائية منطقية، تراعي وتلحظ الأبعاد الإيمانية والنفسية والثقافية والتاريخية التي كانت في الأطوار جميعاً. وهذا كله يفضي إلى تقرير أمير هو من الأهمية بمكان، ألا وهو: أن منهم ما اشتمل عليه منهج الإمام البخاري في "جامعه الصحيح"، وتفسيره، والكشف عن بعض دقائقه وغوامضه، يتوقف على المعرفة بسيرة هذا الإمام في أطوارها المختلفة وعلى أن تكون تلك المعرفة نوعية تقوم وتصطبغ بالأبعاد التي تمت الإشارة إليها، وأن ذلك الربط بين السيرة والمنهج هو ما اجْتُهِد في إبرازه والتأكيد عليه في فصول الكتاب ومباحثه. فالدراسات المنهجية المؤصلة الناقدة هي الأنجع والأمكن في الردّ على الطروحات المشككة والطاعنة في السنّة المشرّفة وأهلها، والوثيقة فيهم، التي اتخذت من "الجامع الصحيح" ومصنّفِه الإمام البخاري سبيلاً إلى ذلك، في أساليب متعددة، ومسارب مختلفة، متباينة في جهارتها وخفائها. وهذا ما اشتمل عليه الكتاب من موضوعات، التي تم ترتيبها ضمن تمهيد وبابين، جاء التمهيد بمثابة مدخل إلى علم مناهج المحدثين، وتمحور الباب الأول حول موضوع سيرة الإمام البخاري؛ وقد اشتمل على خمسة فصول جاء على النحو التالي: المصادر الرئيسية في سيرة البخاري، ترجمة الإمام البخاري، أطوار الحياة العلمية للإمام البخاري، طبقات شيوخه، مصنفاته، وتمحور الباب الثاني: حول موضوع منهج الإمام البخاري في جامعه الصحيح مشتملاً على ستة فصول، وهي: 1-الإسم العلمي لـ"صحيح الإمام البخاري وعدد أحاديثَه"، 2-رواة "الجامع الصحيح" وطبقاتهم، وأسباب الإختلاف بين رواياته، 3-طريقة الإمام البخاري في تصنيفه لـ "الجامع الصحيح" وبيان ما اشتمل عليه، 4-شرط الإمام البخاري في الرجال وتمييزه بين رواة الأصول ورواة الشواهد، 5-شرط الإمام البخاري في رواة الأصول بين المكثرين منهم والمقلين، 6-شرط الإمام البخاري في إتصال السند المصنف.