وصف الكتاب:
"ولأن الشبّان في الوادي يخرجون ولا يعودون، ولأن الوادي القاسي لم يعد يقنع أحداً بالبقاء فيه، ولأن رغبات وحاجات جديدة وُلدت ولا يمكن إشباعها إلّا في مكان آخر، فقد انضافت تباعاً للربوة نساء أخريات كان لهنّ غائب أو شيء ما لينتظرنه، سعد، زوج، صحّة، أمان.. وبتلك الطاقة الروحية التي تسكن أمكنة بسيطة ومتواضعة لا تهب ما هو خارق واستثنائي، وإنما تعطي وبسخاء ذلك الجوهر الذي لا تستقيم حياة القهر إلّا به: الرجاء. صارت الربوة رديفة للأمل، ولِما سيأتي على حين غرة، ولذلك الخيال الذي يتقدّم، وفي كل خطوة يقترب بها يبدِّد غمة ويدوس خصاصة وينهي دمعاً، عشرون عاماً بأيام زمهريرها وثلجها ومطرها ورعودها وأيام حرّها ورياح شركها الخانقة، وهنّ هناك كل يوم مترقِّبات متلهِّفات يتطلّعن لما سيلده المدخلان، وما مات من مات خارج الوادي إلّا لأن لا قلب في الربوة ينتظره ويهفو لظهوره، وما غاب من غاب إلّا لأن لا عين في الربوة تتشوّق لرؤيته قادماً، وما وُلد شيء في الوادي أقوى من أمل الآتي، وصمود النساء في ترقبه".