وصف الكتاب:
لطالما أعَوزنا أن نكون ظاهرين على تجليات حضارتنا العربية الإسلامية في شتّى ألوان المعارف والعلوم، وأن نتخذ ذلك مرقاةً إلى الشرف العالي الذي يمكن لنا عنده أن نكون شهداء على الناس، بما تخدر إلينا من طرائق التفكير والتدقيق ومناهج التحرير والتحقيق، وبما وطأ لنا الأسلافُ العظام من أكناف، وما مهدوه من سبلٍ مفضية إلى تمام الدراية بضروبِ الرواية، على نحو يؤهلنا لفهم تاريخنا الحضاري وتمثل خصائص أمتنا الروحية والثقافية، ودَركِ أبعاد رسالتها الخالدة في العالمين، وأن يكون لنا ذلك كله من خلال النظر الموضوعي وتحري الصدق ونشدان المطابقة بين الواقع والشهادة أو بين الخبر (الرواية) وبين ما كان حقاً من أحداثٍ وأفعال، أو ما قيل حقاً من نصوص وأقوال. التي تأتي بعد نيّفٍ وثمانين عاماً من صدور طبعته الأولى في لبنان العزيز (1939م)، أن شرف الريادة لهذا الباحث المتميز ما يزال قائماً، وأنه من أوائل الذين استأنفوا في عصرنا الحديث النظر في « مصطلح التاريخ» بما هو علم قائم على الدراية والرواية في آن، وأن كتابه هذا، وكان مقرراً على طلبة التاريخ في جامعة دمشق والجامعة الأمريكية في بيروت، لايزال موضع ثقة الدارسين ومهوى أفئدة الباحثين الجادين، ناهيك به دليلاً على عمق إنتماء هذا العالم العربي المسيحي إلى حضارته الإسلامية، وإلى إحاطته بعلم مصطلح الحديث الذي تفردّت به هذه الحضارة، الأمر الذي يؤكد أهمية الإسهام الثقافي لنصارى العرب في نهضة أمتنا، وفي جلاء ما تميزت به أو أحرزت قصب السبق فيه، والدكتور أسد رستم يتبوّأ مكانه هذا في نَسَقٍ فريد مع اليازجي والبستاني وجبران ونظمي لوقا وأديب اسحق ونصري سلهب، وغيرهم من غيارى نصارى العرب على أمتهم العربية الإسلامية، وأحسب أن كتابه هذا سيظل مورداً لطلبة علم التاريخ وأساتذته على حد سواء، وأنه سيظل متجدد العطاء ما بقي في العرب من يهمه أن يحقق أصالته على بيّنةٍ ومن يتوخى كمال انتمائه بعميق استبصاره.