وصف الكتاب:
تغمض ماريا عينيها وتحاول أن تتخيل أفغانستان. تمر بعض الصور في ذهنها. تحكي عن بلد لم تره قط، ولكنها تبدو كما لو أنها تعرف كل مشهد رأته في الصحف. كما لو أنها دربت عينيها على أن ترى أدق التفاصيل خلف تقارير المراسلين في كابول أو المقالات المعززة بالصور في المجلات النسائية. أفغانستان باتت بلداً يتردد اسمه كل يوم أكثر من إسم بلدها. إسم غريب، يصعب لفظه، فيظهر في اللهجة المحلية أشياء مثل أفانيستان، أفغرانيستان، أفغا. في هذه المنطقة لا يفكر المرء بإبن لادن أو بطالبان، بل قبل كل شيء بأفغان، بأجود أنواع الحشيش، الذي يأتي في أكياس ويملأ كراجات بأكملها ويظل لسنوات كلمة السر التي تجذب المزيد وتحشدهم في أماكن مغلقة لكي يتعاطوه. تبدو ماريا مهووسة إلى حد كبير بأفغانستان. هوس تقرره هي بنفسها. انشغال ذهني ظل راقداً في أعماقها وشل قدراتها كما لو كان حادث سير. لا أحد من المحيطين بها يعمد إلى التلفظ بأي كلمة من شأنها أن تدنو ولو بشكل بعيد من لفظة أفغانستان. كما لو كان التلفظ بها كفيل بأن يوقظ في نفسها الحزن مرة أخرى، كما لو أنها قادرة أصلاً أن تنسى. تشعر ماريا بهذا الإهتمام العبثي بها. هذا الأمر يزعجها بمثل ما تنزعج المرأة حين يعمد شخص إلى فتح الباب لها بتكلف صارخ، أو يقدم الإعتذار لإستعماله كلمات لا تناسب النساء. لطف متصنع غايته إظهار رقة مزيفة ودماثة عابرة أكثر منه الإفصاح عن تعاطف حقيقي مع الشخص الغارق في الحزن. ___________________________________________