وصف الكتاب:
عالم دوبوا عالم مأساوي، وعنيف، وحياة غير عادلة (الموت المبكر، والزنزانة بحجم 6م ²، والعزلة) عالم من الفشل والضياع والندم عبر سارد يدعى بول هانسن، الذي يرى أن هناك طرقاً كثيرة لا تُحصى للفشل في الحياة. يعمل كحارس عمارة، ويعيش حياة عادية وهانئة في مونتريال بكندا دون مشكلات، إلى أن يقترف جريمة، ويدخل السجن، ويقتسم الزنزانة مع شخص، يُعد من عتاة المجرمين. لكن السخرية ليست بعيدة. عندما نكتشف سلسلة هائلة من الشخصيات التي تحيط ببول: والده القس الذي فقد إيمانه، ووالدته البالغة من العمر ثمانية وستين عاماً، والتي تقاتل من أجل عرض فيلم (الحلق العميق) في صالتها السينمائية (بيت الفن)، التي ورثتها عن والديها، وزوجته وينونا التي تحلق بطائرتها. وعلى وجه الخصوص، السجين الفظ هورتون، زميله في الزنزانة، المتهم بالقتل، وهو الرجل ونصف الرجل الذي ينهار بمجرد حلاقة شعره تبدو السخرية أحياناً بمنزلة الترياق لمواجهة قسوة الحياة، فضلاً عن الحنان البشري أيضاً. عمل بول مشرفاً على مبنى كبير، مدة 20 عاماًً، كان رجلاً يقوم بكل شيء، كحارس ومسؤول صيانة، وهي وظيفة لا تترك له سوى القليل من الوقت، لكنه مارسها بلطف وباحترام مع الآخرين، وكان مستعداً دائماً لمحبة الناس وأرواحها لا غير، ومساعدة الأرامل والعجائز في محنتهن. حتى اليوم الذي يتغير فيه كل شيء. يكشف جان بول دوبوا في وقت متأخر من القصة أسباب سجن بول. ومن هنا تتحرك أحداث الرواية في جو حزين جداً، وتسير بشكل تصاعدي في نطاق فلسفي تقريباً. يصبح هذا المبنى الذي عمل فيه بول، كناية عن عالمنا الحالي. ولا يتطلب الأمر الكثير، إذ يكفي وصول مدير متلاعب واستبدادي، حتى تختفي حلاوة العيش في مجتمع منسجم مع نفسه، ويحل محله عالم تعسفي وبيروقراطي وشمولي تقريباً. لم يكن بول من هذا العالم. ولن يكون. ومن ثم، فإن المؤلف يؤلف صورة جانبية قلمية رائعة تشيد بالطموح للحرية، مما يزيد من رفض الخضوع لأي شيء غير الأخلاق الشخصية المبنية على الإنصاف والعدل. وبول وحيد ولكنه يستحق ذلك. إنه يجد عزاءً في حوار حيوي جداً، مع أشباح ماضيه التي يستحضرها قدر استطاعته. هذه الرواية تثير الشعور بالارتياح لتحرير الإنسان من طوفان الوهم. على الرغم من الحزن والأسى الذي عانت منه شخصياتها، وهي تروي قصة السقوط، لكن ما تشيعه هو الكثير من المواقف النبيلة، والمودة الإنسانية التي تتمتع بها هذه الشخصيات.