وصف الكتاب:
لا ينفكُّ كُلُّ إنسانٍ، في هذه الحياة، يُصارعُ أمواجَ بحرِ أسئلتِها طيلةَ عُمُره، فإمّا أن يقهَرَها ويُلهَمَ الأجوِبَةَ الشّافيةَ فيَصِلَ أخيراً إلى برِّ الأمانِ، وإمّا أن تستهلِكَهُ الأسئلةُ وتفِرَّ منهُ أجوِبَتُها فينتهي بهِ الحالُ مُحطّماً فوقَ صخورِ الشاطئ. غيرَ أنَّ بطلةَ هذه القصّة، ماريا وايث، اتَّخَذَت طريقاً قلَّ سالكُوه: فاختارَت ألّا تخوضَ البحرَ، وأن تعتزِلَ الصِّراع وتكتفي بعَيشِ الحياةِ كما هيَ، لأنّها تؤمِنُ بأنَّ أسئلةَ الحياةِ لا أجوبةَ لها – وإن وُجِدَت أجوِبةٌ، فإنّها لن تعدو كونَها نسبيّة وغيرَ متّفقٍ عليها. كما تؤمِنُ بأنَّ الغاية من الحياةِ مفقودة، والمعنى غائب. وكما قالَ شكسبير: ما الحياةُ إلا مسرحٌ كبيرٌ، وما النّاسُ إلا ممثّلون. أو كما قالت ماريا، عن أبيها: ما الحياةُ إلا طاولة قِمارٍ، وما الناسُ إلا لاعبون. ولذلك، فإنَّ درسَ الحياةِ الأعظَم، هوَ أن يستمرَّ الإنسانُ الفَطِنُ في اللَّعِبِ كيفَما اتَّفَق، وأن يسلُكَ دربَهُ المرسومَ لهُ في الحياةِ دونَ أن يُعَسّرَه. وهذا بالضبط ما التزَمَت بهِ البطَلَة. نشَرَت الكاتبة الأمريكيّة الشهيرة: جوان ديديون هذه الروايةَ، التي صنَّفَتها مجلّة التايم فيما بعدُ ضِمنَ أفضلِ مئة رواية إنجليزيّة، عام 1970 . وحُوِّلَت في عام 1972 إلى فيلم هوليوودي شارَكَت ديديون في كتابةِ نصّهِ السينمائيّ مع زوجِها جون دون. والجديرُ بالذِّكرِ، أنَّ للروايةِ رُواةً عِدّة: ماريا: التي تفتَحُ أمامنا نحنُ القرّاءَ بابَ الرّواية. هيلين: التي تُطلِعُنا على جانِبِها المُثيرِ من القصّة. كارتر: الذي يُطلِعُنا أيضاً على جانِبِهِ من القصّة. الغائِب: وهوَ صوتُ الكاتبةِ ذاتِها –ديديون– ربّما. ومِنهُ نعرِفُ كلّ التفاصيل. أثارت الروايةُ جدلاً واسِعاً بينَ قُرّائها ونُقّادِها وتفاوتت الآراءُ حولَها، بيدَ أنَّ الجميعَ اتّفقوا على أمرٍ واحِدٍ، وهوَ أنّ الروايةَ صعبة ومُجهِدة (ليست صعبةَ القراءة، بل صعبةَ الاحتمال). وربَّما يُدرِكُ القارئُ ذلكَ أثناءَ قراءتِهِ للروايةِ، وبعدما يُنهيها. إنَّ هذه الروايةَ قد لا تُبهِجُ قارِئَها، ولكنّها –دونَ ريبٍ– ستُحدِثُ فيهِ أثراً وتترُكُ بصمة.