وصف الكتاب:
« ذات نهار ودون سابق إنذار، جَمَع المأمور جميع من يعمل هُنا بالقسم، ثم أخبرنا أنه قد عيّن عامل جديد خَلَفاً له.. عاملٌ جاهل ضعيف أحمق، ولكنّه إستطاع أن يتسلّل إلى قلبه بمعسول الكلام وإظهار علامات الذُلّ والمسكنة كلّما تحدّث إلى المأمور.. وبعد أن إصطففنا كلّنا بين يدي المأمور، طلب منّا على حين غرّة أن نقبّل يدي ذلك العامل، ففعلوا جميعاً إلا أنا.. لقد عيّنني وهو يعلم جيداً مدى اعتزازي بكبريائي وكرامتي، ويحُزّ في نفسي أن أُقبّل يدّ من هو أقَلّ منّي خبرة ودهاء وقوّة.. لقد عيّنني وهو يعرف ذلك عنّي، وكان يسعد كثيراً حين يشهد الجميع بأن سُلطاني يبلغ أقصى المدينة، كما كان يفرح دوماً حين يراني معتزاً بكبريائي وشموخي.. إنه لم يطلب منّي أبداً التنازل عن هيبتي أو إحدى صفاتي أمام أي شخص، إلا أمام ذلك العامل وكأنه أراد أن يتخلّص منّي.. والأغرب أن ذلك العامل الغبي كُلما أخطأ أجده ذاهباً إليه، ثم يُلقي باللوم عليّ أنا.. أنا الذي قُيّدت حرّيتي ظُلماً وبُهتاناً في هذه الزنزانة المُقزّزة، وأصبحت بلا حول ولا قوّة.. هذه الحقيقة أقصّها عليك كاملةً، وأعرف أنك لن تقدر على ردّ ظلمه، ولكن يكفيني أن يظهر الحقّ للجميع حتى أرتاح قبل أن يُنَفَّذ فيّ حكم الإعدام يوماً ما، وليتأكّد حضرة المأمور أن تكميم الأفواه لن يفلح أبداً.»