وصف الكتاب:
الحقائق تكذب. ثبت أنها تدعي الصواب. الفلسفات والأديان والمذاهب والأخلاق بنت تراثها على كذبة صحة الحقيقة. الدليل على ذلك، تاريخ البشرية، منذ بداياته حتى يومنا هذا. لم نعش الحقائق كثيراً. كانت تنفض وتزاح لتحل محلها حقيقة كاذبة مناسبة… لذا كان لكل عصر حقائقه، لكل مذهب ديني أو سياسي أو اجتماعي حقائقه المتناقضة. فضيحة البشرية، أنها آمنت بحقائق متناقضة، وجاءت الممارسات كارثية. التاريخ الواقعي، الأحداث والتقلبات، المعارك والحروب، الانتهاك والانتقام، تدل على أن “جماليات وكماليات وجودة الحقائق”، كانت منصة للارتكاب. ما جاء به الفكر والدين والعلم، داسته المصالح بأقدامها… هذه البشرية اليوم، بكل بشاعتها، هي الوريث الشرعي لتراث متواصل في تجارة الحقائق الضخمة. لقد ديس الانسان وقتل وأهين وهجّر واغتيل. تاريخ البشرية يقطر دماً وحقداً. ولا ذرة حب إلا عند الشعراء والمبدعين فناً وخيالاً. وعليه، فإن الخطأ هو الأساس الذي بنيت عليه عمارات الحضارات المتتالية. الخطأ، تكتظ به الديانات. لا أقصد النصوص أبداً، فهذه موجودة في متحف اللغات. أقصد المسار التاريخي للبشرية كان ولا يزال مساراً ذبائحياً. الخطأ هو معركتنا. إنه منا وفينا ومعنا، وعلينا البناء على خطأ مفيد وليس على حقيقة تحمل سيفاً وتقطع رأساً. الخطأ هو من يواجهنا ونواجهه. والخطأ ليس سوى الحقيقة الواقعية، وليس الحقيقة المصوّرة. لذلك، ترفع القبعة احتراماً للسفسطائيين، الذين هزئوا من حقائق سقراط غير القابلة للتحقق. لذلك ترفع القبعة أيضاً لميكيافيلي، الذي عرف كيف تبنى السياسة على المصالح والكذب الضروريين… إلخ. هذا الكتاب يعيد الاعتبار إلى الخطأ. يتهم العقل بالانحياز، والفلسفة بقتل المخيلة والشهوة والغرائز والنزعات: أي الانسان كما هو كائن مكتمل النقصان. ثم، لابد من الدفاع عن الخطيئة التي تلتصق بنا أكثر من اسمنا.