وصف الكتاب:
في نهاية المسار، وبعد أن تأكدنا أننا نجونا، ابتعدت قدر الإمكان عن باقي الفريق. حاولت أن أخلو بنفسي وأنا أكمل المسار نحو الحافلة. لم أرد أن أتحدث مع أحد، لم أود أن أنطق حرفا. أنا بحاجة للتأمل فيما جرى، وما جرى ليس بسيطا. في النهاية جاءت الشرطة، لم تفعل شيئا عظيما، لكن الأمر عظيم. تطلعت يمنة ويسرة لأتأكد أن ليس هناك صحافة، ولا تصوير تلفزيوني، ليظهر الشرطة بالمسحة الإنسانية. لماذا أفكر هكذا؟ كل شيء محتمل، هم يعرفون كيف نفكر، ونحن نعرف أيضا كيف يفكرون، ربما. الحمد لله أني لم أجد شيئا من هذا، لكني غطيت رأسي بقبعة السترة التي ألبسها، وخلعت نظارتي، وكسوت وجهي بمزيد من التجهم، وأكملت سيري، كما أني لا أرى أحدا، وأعرف أنهم يروني جيّدا. أهملت وجودهم، علهم يهملون وجودي. هذا السلوك اعتدته، حينما لا يعجبني أمر ما، أهمله، أتعامى عنه، وها أنا أجد نفسي بهذا النهج. البديل أن أواجهه، ونحن لسنا مستعدين للمواجهة، ربما المواجهة السلبية، وأنا فعلت كذلك، أكره السلبية، لكني أضطر لها أحيانا، قد تكون سلبيتي مؤقتة، وقد تطول، لكني في هذه اللحظة ألجأ إليها، فلا حول لي ولا قوة.