وصف الكتاب:
عبث! أنتِ هي إذن يا سدرة! ابنتي الجميلة، التي يهمسون بأنها ليست على ما يرام، تكاثروا عليها بأجهزتهم وإبرهم الوخازة، صوروا أمعاءها وقالوا: لديها انسداد ما، بالفعل كما أثبتت الأشعة قبل ولادتها، لكنهم غير قادرين على تحديد مكانه؛ ولذلك ستجرى لها عملية جراحية بأسرع وقت ممكن، وربُّنا الرحمنُ المستعانُ على ما يصِفُون من مرضٍ وعَرَضٍ وعاقبة! أحاول أن أشبع فقط من ملامحها، أحاول اختزانها في روحي، أملأ منها جيوبي مثلما بت أفعل مع مكعبات السكر وأنا صغيرة، عندما نظرتُ إلى وجهها حدثني قلبي بأن هناك شيئاً ليس على ما يرام أكبر بكثير من أمر الانسداد المعوي، هناك أمرٌ جلل يتعلق بهذه المسكينة التي لم ترتكب أي ذنب قد تُعاقَب عليه أو تُبتَلى بسببه، أحاول فقط أن أقصي تلك الفكرة بعيداً عن عقلي وقلبي المتخمين، أهمس لها وأوقن أنها تسمعني رغم كل ما بيننا من حواجز: عودي إلي حضن أمك سريعاً، إنها معركتك الأولى يا بُنيتي، معركة بقاء، لا حيلة لي فيها، أنا فقط أنتظرك على الجانب الآخر، أصفِّق لكِ وأشجعكِ حتى تعبري هذا البحر العميق، أعرف أنهم قيدوكِ ولكن هذا لن يمنعك من السباحة فأنتِ بارعة في ذلك منذ كنتِ في رحمي، تعالي نسترجع ليالينا القديمة، أحكي لكِ وتحكين لي عن نشأتك الأولى فلربما أعانك ذلك في النشأة الأخرى، فلندعهم يقومون بعملهم لينعشوا أعضاءك، وأنعش أنا ذاكرتك..