وصف الكتاب:
... في الفترة التي كان فيها بيسوا مرتبطا بحركة "أورفو" كان يكتب مقالات لصحيفة "أوجورنال" (الجريدة) وكان يوقع زاوية صحافية بعنوان "حوليات الحياة التي تمّر" وقد اتسمت بأسلوبها المستفز، ودافع فيها عن "التناقض بمثابة علاج للتحرر" ذاهبا إلى حدّ الادعاء بأن "مخلوقا" ذا أعصاب حديثة وذا ذكاء بلا حجاب وذا حساسية مستيقظة، يدفعه "مخه إلى تبديل رأيه ويقينه مرّات عدة في اليوم الواحد". وهذا الأمر لا يتيح له "أي معتقدات دينية أو أي أراء سياسية أو تفضيلات أدبية، وإنما أحاسيس دينية وانطباعات سياسية ونبضات أدبية". من هنا نجد أن لهذه الحالة عند بيسوا تملك معنى أعمق بكثير وإن كانت في الواقع حالة لا إمتثالية لأنها تدافع عن تعددية "متموجة ومتعددة" (بحسب تعبير الشاعر الإيطالي يوجينيو مونتالي)، لأنها تظهر كحالة تمتلك نقدا لطغيان "الرأي العام" بما هو "رأي مشترك" أو "رأي عام"؛ فبحسب بيسوا الذي يضع " الدوكسا" اليونانية مقابل "البارادوكسا" فانه يجد إن الصدفة المتناقضة تقوم من منطق خاص بالخطاب الشعري، الذي يحدّده "بالتعايش المتنافر للفرضية والفرضية المضادة".