وصف الكتاب:
إنّنا، معاشر البشر، نعرف اللّه بأفعاله، كالخلق، والمغفرة، والرزق، وهي أفعال سائغة لنا، وتتناغم مع مصالحنا، فيدفعنا ذلك إلى حبّه (عزّ وجلّ). ولعلّ من الناس من لو فكّر في غضب اللّه، وعذابه، لما تولّد حتّى هذا الحبّ في قلبه. ولكن إذا كمل الحبّ، لا يعود المرء يحبّ اللّه لأفعاله، بل سيقف على علمه، وقدرته، وحياته، وصفاته الذاتيّة. ففي هذه المرحلة سيدرك المرء صفات اللّه الذاتيّة، وكمالاته، فيحبّه. وبعض عباد اللّه يَصِلون إلى مقام أنّ اللّه يريهم نفسه بنحو من الأنحاء؛ لقوله تعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا}، فيحبّون ذات اللّه جلّ شأنه، ويدركون، في حدود معرفتهم، كمالًا لا نهاية له، فيُفْنونَ في هذا الكمال والجمال وهذا الحب.