وصف الكتاب:
نظام الخطاب؟ أم نظام التفاهة؟ فوكو أم آلان دونو؟ أم تقاطعهما؟ دوامة تعصف بكل ما نخطط له،تسيّرها قوة بخارية من المسكوت عنه، تتجدد كنار مجوسية لا تشتعل إلا لتكريس سلطة كاسحة على العالموعلى عالمنا العربي بشكل خاص؟إذا كان الهدف من كل عملية اتصال جماهيري هو »التأثير «، فإن مدارس ونظريات الاتصال تدور منذالقرن التاسع عشر وحتى اليوم حول تحديد عناصر الإرسال وعناصر التلقي. وإذا ما استثنينا السؤال حولدور الحامل - الوسيط الذي يتبناه أصحاب نظرية الحتمية التقنية التي لخّصها مارشال ماكلوهان بعبارة:Media is medium ، فإن جميع المعالجات الأخرى تؤدي إلى واقع أن تشكّل الخطاب الإعلامي يتألف منوجهين: المقول والمسكوت عنه. سواء من قبل المرسل (كما ترجح المدرسة الوظيفية الأمريكية والمدرسةالأوروبية الليبرالية) أو من قبل التلقي، (كما رأت بعض المدارس الأوروبية الماركسية الجديدة في النصفالثاني من القرن العشرين). وإذا ما نظرنا إلى أن المسكوت عنه في عمليتي الإرسال والتلقي يتم بشكلين:الإقصاء والتهميش فإن المسألة تحيلنا إلى شبكة من العلاقات التي يحددها نظام كامل من المؤسساتالتي تحدد عملية بناء الخطاب وعملية تلقيه. فقبل آلية المنع، يأتي »تقابل الصح والخطأ « ضمن »إرادةمعرفة الحقيقة « ليشكّل آلية ممأسسة. »الصح هو ما يتشكل من مجمل ظروف تاريخية يحملها نظام كاملمن المؤسسات، ليس من دون إجبار ولا من دون قدر من العنف، على الأقل «. وعليه، يعتمد هذا الكتابمفهوم الإقصاء لدى فوكو، وبشكل خاص آليات الإقصاء كما أوردها في كتابه نظام الخطاب، مع الإفادة منالنقد الذي اعتمده ميشال دو سيرتو لفوكو نفسه ولنظريات التلقي نفسها، خاصة نقده لتيار »الاستخداماتوالإشباعات «. فإذا كان فوكو يعتبر أن إحدى أهم أدوات السلطة هي »شبكات التكنولوجيا الملاحظةوالانضباطية «، فإن المجدد دو سيرتو يرى بأن فوكو أهمل وجود شبكات أخرى »مناهضة لهذا الانضباط .«من هنا يعرض الكتاب لجانب من نظرية التهميش لدى بعض علماء الاجتماع مثل بارك وويس وماركس،Park - Weiss - Marks) ) لتوضيح أمرين: الأول، يتمثل في جانب من تشكل المسكوت عنه، إ ما كنتيجةلواقع التهميش، وربما بالتواطؤ الضمني بين المرسل والمتلقي، والثاني، وهو بالغ الأهمية، ما يتعرض لهالمناهضون لهذا الانضباط، الكاسرون لإقفاله، من إقصاء وتهميش بأنواعهما، سياسياً واقتصادياً واجتماعياًوقانونياً. والمهمشون أنفسهم من مثل المهاجرين والمختلفين. ينقسم الكتاب إلى قسم أول يناقش الجانبالنظري، ثم إلى قسم ثانٍ يوظف هذا الواقع السوسيولوجي الفلسفي العام لتحليل خطاب وسائل الإعلام،متخذاً الإعلام الفرنسي المطبوع نموذجاً يقارن أحياناً بالكتاب المطبوع، وذلك حول قضايا تاريخية وحقوقيةوسياسية، خاصة ما يتصل منها بتاريخ الاستعمار والتدخل العسكري. بالحرب العالمية الثانية وخفاياها،بالنووي واللاسامية والإرهاب، وبالمسكوت عنه في خدمة الحروب الاستعمارية الجديدة من العراق إلىالربيع العربي.