وصف الكتاب:
يُقصد بلسان العرب في هذا العمل شيئان: معجم ابن منظور الشهير وعموم الكلام العربي، فالأول هو أوفى رصد لمفردات اللغة العربية، وأحيانا فصولها وأصولها واشتقاقاتها وانحرافات استخدامها، وكله ذلك قد يضيءعَرَضَاً ممارسة فنية أو ظواهر الفن وأحيانا تاريخه في نطاق الجغرافيا والثقافة العربيين. خذ هذين المثالين: الأول، تداوُل التماثيل ثلاثية الأبعاد في الجزيرةالعربية (كانت تسمى الأصنام)، وثانياً طبيعة التعاطي مع الألوان ومجمل الظواهر اللونية والتنقيب عن سبب إطلاق تسميات مخصوصة عليها. فاللسان يعرف جيدا أن عليه الحديث عن الطائر النسر لكن ايضا عن التمثال النسر المعبود ما قبل الإسلاميّ, لكن اللسان العربي هو ايضا حديث المؤلفين الآخرين غير ابن منظور عن المادة نفسها. هنا يتعدى الأمر المعجم الى المعرفة في شأن مخصوص: الفن. لكن التوقف أمام المعجم واللغويين والمؤلفين بمختلف أصناف العلوم، بتطلب حذرا ووعياً نقدياً، وليس التسليم بالمواد المعروضة. أما تاريخ الفن فهي مادة معروفة، لها هي نفسها تأريخ محدد تطورت عبره حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم. وهي مادة منسية في ثقافتنا وقتا طويلا جدا. بل أن الكتابة عما نسميه الفن لم تجد طيلة عصور من يشتغل بها إلا فيما يتعلق بفن الخط، وأحيانا قليلة ونادرة فن الخزف. لذا ظل تأريخنا الفني مجهولا، ملتبسا، قليل الشأن، حتى أننا لا نعرف شيئا مثلا عن حياة رسّام من الرسامين حتى لو وقّع أعماله ووضع اسمه كالواسطي ومئات غيره من النحاتين والخزافين والصاغة والنحاسين وغيرهم. هذا بالطبع ناهيك عن غياب المؤلفات المكرسة بل الملاحظات عن طريقة وتقنيات الصناعة الفنية العالية كما البسيطة. علينا البحث مُداوَرة كي نجد ذلك وشبه ذلك. وبسبب هذا الغياب وعلى سبيل المثال، بذل كاتب هذه السطور مجهودا استثنائيا لمعرفة سبب تعدد ألوان الصلصال المفخور ومن أي أنواع الطين تطلع ألوان الخزف الذي نشاهده في المتاحف. كان عليه الذهاب بعيدا في مصنفات الرحّالة الذين تكلموا ولو بالنزر اليسير عن ذلك، أو إلى كتب الطلسمات والأعمال السحرية المتأخرة التي تناولت لسبب محتلف كلية هذا الأمر. رغم ذلك نعتقد أن استخدامات اللغة يمكن أن تحيلنا بطريقتها، لو أحسنا إدراك اشتقاقاتها وربطناها بمعطيات تأريخية وأنثروبولوجية متوفرة، إلى ما نبحث عنه. ____________________________________________