وصف الكتاب:
وُلِدَ المجاشعيُّ (وإن لم تُذكَر سنةُ مولدِه) في (القيروان) ، وقد عُرِفَ عنه بالفرزدقيِّ؛ نسبةً الى جدِّهِ الشاعر المعروف (الفرزدق) ، فنسبُه يعودُ إليه ، وإلى قبيلة مجاشع وهي قبيلةٌ من تميم بن دارم . وقد كانَ عالمًا بالعربية بمجالاتها المختلفة ، مُلِمَّا بأدبها ، فقد رحلَ إلى بلادِ المشرق ، وأقرأ ببغدادَ اللَّغةَ والنَّحو ، وحدّثَ بها عن جماعةٍ من شيوخِ المغرب ، واتَّبعَ أيضًا منهجَ من سبقَه من العلماء في التأليف ، كمنهجِ الفرَّاء في كتابه (معاني القرآن) ، فمثلا يختار آيات من كُلِّ سورةٍ تتضمن مسائلَ لغويةٍ عامة بمستوياتها المختلفة ، (التفسير ـ الصرف ـ النحو ـ اللغة)، فضلا عن القراءات والمعجمات ، فهو يبتدأُ بسورةِ الفاتحة إلى سورة النَّاس حسب تسلسل السُّور القرآنية في المصحف الشريف ، كما ناقشَ المسائلَ الصرفية : كأبنية المشتقات ، والمصادر وأنواعها ، والاشتقاق ، والميزان الصرفي ، وجمع التكسير ، والإعلال، ومسائل أُخَر كـ تخفيف الهمز ، والممدود والمقصور ، والتذكير والتأنيث ، والتصغير ، والنسب ، وجمع السالم (المذكر والمؤنث) ، ونون التوكيد الخفيفة والثقيلة ، فكان يعرضُ الآراءَ ويناقشها . وقد وجدتُ له أيضًا جهودًا نحوية ـ فضلاً عن جهوده الصرفية ـ ، فقد كان متميزًا في عرض المسألة ، تراه يضعُ رأيَه الخاص بعد وضعِ آراءِ من سبقَه ، فيوازنُها من حيث المنهج والقواعد التي سارَ عليها ـ كسيبويه مثلاً ، فهو يعرضُ المسألةَ بأسلوبِ السؤال والجواب ، بعد عرضها يضعُ لها أسئلةً مفترضة يجيب عنها مستعينًا بالشواهد القرآنية والأحاديث النبوية والشعرِ أيضا. وممَّا تقدم فإنَّ المجاشعيَّ له شخصيةٌ علميةٌ قد وضعت بصمتَها في اللغة العربية ، فهو عالمٌ لغويٌّ ، وفقيهٌ ، ومفسِّرٌ ، ومُقرِئٌ ، وأديبٌ ، وشاعرٌ ، شهِدَ له بذلك من تتلمَذَ على يدِهِ أو اتَّصلَ به .