وصف الكتاب:
استوحى المؤلف أحداث الرواية من الوباء الذي حلّ بالعالم وفرض على جميع البلدان أوضاع لم تكن متوقعة وأثار خيال المبدعين في شتى أرجاء المعمورة. مزج المؤلف في رواية «هلوسة في زمن الكورونا» بين الواقعي والمتخيل في نسيج متكامل من الأحداث التي يرويها من خلال الراوي والحوار المتبادل بين الشخوص. يقول المؤلف: بعد أن تم فرض حظر التجوال، أصيبت مدينة بغداد بالشلل التام، وبات كل شيء ساكنًا، وفرض الجمود سطوته على الجميع. وحدها تلك اللوحة الضوئية التي أشاعت البهجة في نفوس العدد القليل من المارة، ومثلت استمرارية للحياة المتوقفة منذ أشهر. فيما كان عمال البلدية يزرعون الساحات بأنواع زاهية من الورود في تحد سافر لكل الظروف، ويبعثون برسالة مفادها بأن الحياة لن تتوقف مهما حصل. من أجواء «هلوسة في زمن الكورونا» اقترب مني هامسًا في أذني اليمنى: – أنا أبيع الأرواح، أرجوك أشتري مني، فأطفالي الجياع بانتظار عودتي، على أمل أن أحمل لهم بعض الطعام. – ماذا قلت؟ صرخت في وجهه مستنكرًا ذلك. – مثلما سمعت. – ولكن كيف تبيع الأرواح؟ وهل أصبح بإمكاننا المتاجرة بالأرواح؟! – ولم لا، إذا كانت تجارة الأعضاء البشرية رائجة عندكم، فلماذا تستغرب حينما أخبرتك بمتاجرتي بالأرواح؟ وفي لحظات من الغضب، صرخت في وجهه: – اذهب بعيدًا عني، فأنت مجرد تاجر بائس. قلت ذلك بعد أن استهجنت طريقته في خداعي، فكلامه عن بيع الأرواح لا تعدو أكثر من عملية نصب واحتيال، حين سماعه لذلك شزرني بنظرة غضب، انتفخت أوداجه، ضم قبضته بقوة، لكنه وبطريقة مفاجئة، قرر الانسحاب، واختفى وسط الجموع. بعد أن أخذت نفسًا عميقًا، اتجهت إلى وسط السوق، وأنا لا أعرف إلى أي إتجاه تقودني إليه قدماي، بعد أن شغل تفكيري كلام بائع الأرواح. عند بائع العطارة، استوقفني حديث بين البائع وأحد زبائنه، حينما سأله ذلك الزبون عن الأعشاب الغريبة المعروضة للبيع، والتي لم يسمع بها طوال حياته، حينها قال البائع وبكل ثقة:…. في موضع آخر من الرواية ابتسم البائع، وناولني كيسًا أخضر اللون مليء بالأرواح، وتركني ومضى، بعد أن أنقدته كل الأموال التي كانت بحوزتي، وقبل أن يختفي وسط الجموع التفت نحوي، وقال: – حياتك قصيرة، وستعيشها مرة واحدة فقط، فاحرص على أن تعيشها في حب وسلام. حين سماعي لذلك، ارتسمت على محياي ابتسامة عريضة، وصرخت بأعلى صوتي: – سأعدك بذلك أيها التاجر الطيب. غادرت بعدها ذلك السوق، حاملًا معي أغلى كنز حصلت عليه في حياتي، على أمل أن أنفذ كل ما طلبه التاجر مني. في اليوم التالي توجهت منذ الصباح الباكر إلى مستشفى ابن الخطيب، ومعي كيس الأرواح، في لجة العمل حاولت الاقتراب من الحالات الحرجة، بعد أن حصلت على إذن مسبق من قبل مدير المستشفى، فالدخول إلى ردهات الحالات الخطرة يحتاج إلى مغامرة تستحق المحاولة، كانت الحالة الأولى التي صادفتني لامرأة ثلاثينية، كانت تحتضر أمامي، والدموع تنساب على وجنتيها، حين رؤيتها لي، قالت…