أبو الهدى الصيادي في ميزان التاريخ
- سنة النشر: 01 Jan 1970.
- عدد مرات التحميل: 502882 مرّة / مرات.
- تم نشره في: الإثنين , 14 ديسمبر 2015م.
وصف الكتاب:
الرفاعي الحسيني. وبعد إن جعلنا دراسة تحليلية بسبب كره وعداء الطبّاخ للإمام السيد أبو الهدى الصيادي، بسبب خلافه الفكري والوهابي ولأنَّه حرَّم الجاه مثلما أُعطيَ للسيد أبو الهدى الصيادي والقرب من السلطان ثارت نفسه على هذا العَلَم الكبير لينتقده بما لا يصحُّ وهذا ما يؤسف عالم درس الشرع والدين يرد ويفتري على عالم مثله، وينكر فضل الخلافة الاسلامية التي عزَّت الإسلام والمسلمين وحمته ستة قرون، وانظر بعد انتهاء الخلافة العثمانية ماذا جرى في الاسلام والمسلمين، دويلات صغيرة متناطحة ومختلفة فكريا ومختلفة دينيا، وممزقة لايوجد توحيد للمسلمين ولكنهم كانوا متفرقين. وأعود إلى ما أُعطيَ السيد أبو الهدى الصيادي من مناصب كبيرة في الخلافة الإسلامية من خلالها خدم الإسلام والمسلمين والتصوف، واعتبر الإمام السيد أبو الهدى الصيادي مجددا لقرنه وزمانه. وكثيرا ما يتم الكلام عن المناصب التي تقلدها السيد أبو الهدى الصيادي في الدولة العثمانية التي كانت سببا مباشر في الطعون الموجهة إليه وكما هو معلوم فإن الدولة العثمانية كانت تدير شؤونها الداخلية والخارجية بواسطة المناصب الإدارية التي يرأسها السلطان ومن ثم تتوزع المسؤوليات حسب نوع المنصب من الصدر الأعظم نزولا إلى أصغر موظف في الدولة وهكذا. وقد اتبع العثمانيون بذلك تنظيما بسيطا لدولتهم فكان يوظف كل من تنطبق عليه الشروط، فالتوظيف : تعيين الوظيفة أو هي منح شخص معين منصب أو درجة أو رتبة معينة وما يصحب ذلك تحمله تبعات ذلك المنصب وتمتعه بمميزاته ومن بينها الألقاب الفخرية أو الشرفية التي تمنح لصاحب هذا المنصب انظر كتاب الدكتور مصطفى بركات/ الألقاب والوظائف الإسلامية (ص: ١٢). وان الألقاب والوظائف عبر أكثر من أربعة قرون من الزمان قد تطورت في الدولة العثمانية حسب ما وضحت ذلك الوثائق العثمانية المحفوظة بدار الوثائق والمخطوطات بالإضافة إلى المصادر المطبوعة حيث كان لكل لقب عبر العصور مدلولاته اللغوية والسياسية والاجتماعية والعسكرية والمذهبية وغيرها . ومن أجل التطرق إلى المناصب التي تولاها السيد أبو الهدى الصيادي فكان لابد توضيح موقفه من سلاطين الدولة العثمانية وبما أن الصيادي من العرب فكان من الضروري التطرق الى علاقة السلطان بالعرب حتى يمكن من خلالها تقييم الإمام السيد أبو الهدى الصيادي قدس سره العزيز وتعين أسباب وصوله إلى المناصب العليا والمرموقة في الدولة العثمانية فكان يجب علينا المرور بهذه المواضيع التي أشرنا إليها. ان التاريخ السياسي والإداري والاجتماعي والاقتصادي للدولة العثمانية قد امتزج فيه العديد من المحاور تبلورت عليه متمركزة فيها القوميات والديانات والثقافات العديدة وهذه المحاور تحتاج إلى دراسات مفصلة ومطولة بالإضافة إلى توخي الدقة المتناهية في وضع الأمور تحت أنظار المتطلعين لتاريخ الدولة العثمانية حيث أهتم السلاطين العثمانيون بالقومية العربية وذلك لأن أغلب المناطق التي هي تحت نفوذ الدولة العثمانية هم من العرب هذا من جهة ومن جهة أخرى أن ديانة الدولة هو الإسلام ولغة القرآن الكريم هي العربية بالإضافة الى التعاليم الأخرى فهي تفسر وتشرح باللغة العربية وهذان الأمران يجب أن يكونا بالحسبان ولهذا لا يمكن إدراج علاقة السيد أبو الهدى الصيادي بالسلطان دون الرجوع الى توضيح بعض دوافع السلطان العثماني من جميع النواحي وهل كان الصيادي هو الشخصية الوحيدة التي اهتم بها السلطان ولأجل توضيح علاقة الصيادي مع السلطان عبدالحميد تحديد شكل العلاقة بأي صفة كانت وأي منهج اتخذت وسارت عليه وبما أن السلطان عبدالحميد هو الأكثر معاصرة لشخص الصيادي والذي حكم أكثر من بقية السلاطين علما أن أول ما وطئت أقدام الصيادي الأستانة كان السلطان هو عبدالعزيز الذي التقى به في سنة ۱۲۷۸ هـ. سنأخذ بشكل أدق علاقة السلاطين العثمانيين مع العرب وخاصة السلطان عبدالحميد من ناحيتين القومية والدين الإسلامي والمنهج الذي أتخذه السلطان عبدالحميد ومن خلال كل فترة سنوضح علاقة السيد أبو الهدى الصيادي بها. وعلاقة السلطان عبد الحميد بالسيد أبو الهدى الصيادي، كان للسلطان عبدالحمید دورا تاريخيا كبيرا ونظرة شمولية واسعة للتاريخ في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حيث كان يدرك جيدا بأن أغلب أبناء شعبه هم من البلاد العربية وفي نفس الوقت كان مدركا وبنطاق أوسع بأن العرب في دولته هم من أديان مختلفة وأن القومية العربية هي السائدة على كافة الأديان فبالإضافة الى العرب المسلمين كان هناك عرب مسیح وعرب يهود وبنفس الوقت كان على دراية ومتيقنا بأن العرب هم الهدف الذي يمكن من خلاله خرق دولته العثمانية التي توارثها عن أجداده. وهذا البحث المقتضب يجعلنا ندور حول فلك عناية السلطان بالسيد أبو الهدى الصيادي لذكائه ولمكانته ولقربه من منهج أهل الله على طريقة السادة الصوفية فكان هذا سبب تقديم أبو الهدى الصيادي والسبب الآخر هو عناية الله سبحانه وتعالى فإن الله تعالى إذا اراد شيء هيأ له أمره وأسبابه فجاء السبب لأن يظهر الله سبحانه وتعالى الإمام السيد أبو الهدى الصيادي مجددا لذلك القرن رغم أنف الحاسدين والحاقدين والبعيدين عن منهج أهل الله. بتصرف من كتاب (أبو الهدى الصيادي في ميزان التاريخ)
