وصف الكتاب:
حوريات الجبل” هي ثالث ثلاثية الروائي العراقي وارد بدر السالم. يتناول فيها الكاتب مأساة الإيزيديين بمعالجة سردية لعدة أحداث كانت مجهولة لدى الكثيرين. في رواية “حوريات الجبل” يتتبع الكاتب تسع بنات إيزيديات يقعن في شراك السبي الداعشي، بعد أن تم إجبارهن على ممارسة “جهاد النكاح” كممارسة شرعية. ومن ثم يقوم الخليفة بإطلاق البنات التسع وهن في شهورهن الأخيرة من الحمل، حيث يذكر الأمير القريشي أن مبادرة إطلاقهن ومحاولة إيصالهن إلى أماكن تواجد عوائلهن هي محاولة لزرع جيل جديد من الأبناء الدواعش في مناطقهن. ربما لم تحصل القناعة في تبرير القريشي لحجة إطلاق تسع بنات في الأيام الأخيرة قبل الولادة ونقلهن عبر الجبال بتسعة أيام مريرة، كانت بمثابة المحور أو الحدث الرئيس الذي شكلته ما يعرف بـ”الحدثية الروائية”. لم تبدأ الرواية في رحلة البنات التسع مع الأمير القريشي وحمايته ودليله الراعي الإيزيدي رافيار الذي كان يعمل مع تنظيم الدولة في الظاهر، ولكن قلبه مع شعبه وديانته. لكن الكاتب يقلب الخط الدرامي المعتاد ويلغي فكرة التسلسل المنطقي للحدث ونموه، فيعمل على إفشاء اللعبة السردية منذ الصفحات الأولى، بأنه جعل البنات السبع في مستشفى للولادة في دهوك بعد نزولهن من الجبل بعد رحلة التسعة أيام. كل واحدة تقدم نبذة عن حياتها بمساعدة الطبيبة باران التي تعاطفت معهن والطبيب الكردي كاكه فرياد، فتكشف المشاهد اللاحقة بانورامية الصراع ومصير الأجنة من أمهات إيزيديات وآباء من تنظيم الدولة، بين رفض الولادات أو قبول بعضهن بالأمر الواقع. إنه سرد متسلسل من الإفادات والأجواء الترقّبية لحدث مأساوي محير تنبثق منه المزيد من الأسئلة المقلقة التي تثير في ذات القارئ الحيرة عن مستقبل الولادات وهل هم مسلمون أم إيزيديون؟ ينتهي الجزء الأول من الرواية ناسفا ببراعة التجريب كل عناصر التشويق التقليدية ليضع القارئ في رحلة الموت عبر ممر الموت من مناطق التنظيم إلى مناطق يسيطر عليها الكرد، حتى يجد القارئ نفسه مرتحلا مع مجموعة السبايا والقريشي والدليل. كيف يستقبل الأهل بناتهن المغتصبات والمطلق سراحهن بتلك الصورة؟ وما هو مستقبل جيل من الولادات لهم من آباء كانوا مقاتلين في مشروع دولة إسلامية مفترضة؟ كل تلك الأسئلة يفجّرها الكاتب على لسان شخصيات الرواية وهي تحاور بعضها بعضا أو تحاور الطرف المتشدد. إذ تكشف الرواية عن إخلاص الكاتب لقضية ظلم مجتمعي كبير لينتصر لها من خلال الأدب الروائي سلاحه الذي يحارب به التطرف. وينتصر من خلاله لمأساة سنجار الحالية، التي تضاف إلى رصيده من مذابح حصلت تاريخيا لهذا الشعب المظلوم. في الجزء الثاني تعود الأحداث إلى الانتظام وتأخذ التسلسل المنطقي بعد وصول الراعي إلى أرض مسيطر عليها من تنظيم الدولة، ويكلف بإيصال البنات إلى ذويهن عبر رحلة مسير مشيا على الأقدام، وعبر تحدّ محفوف بالمخاطر. تفقد واحدة منهن حياتها عندما يحاصرها الطلق، فيأمر الأمير القريشي بتركها لتخوض مخاضها لوحدها وتترك لتنهشها الضباع، والثانية ترمي نفسها من فوق قمة الجبل لتقع في بحيرة الدموع. تلك البحيرة التي ينسج الكاتب ببراعة أسطورة متخيلة عن تسع حوريات يغتسلن بالدموع كل يوم على حافة هذه البحيرة الأسطورية بسبب فجيعة متخيلة حصلت لهن. ويجبر القريشي رافيار الراعي على قص حكاية هذه البحيرة ليتمتع بها.