وصف الكتاب:
يقول آيت بنصالح في مقدمة الكتاب : ” من غير الطبيعي، بالنسبة إلى المُخْتَطَفِ، على عَجَلٍ، أنْ يَجِدَ فرصةً، لِأنْ يَتَزَوَّدَ مَؤُونَةً لنفسِه. لكن، الشابَّ المغربيَّ، مُصطفى بن حَدُّو، الأزمُّوري، المشهور بإِسْتِيبَانِيكُو، اخْتُطِفَ، على حين غِرَّة، من لَدُنِ الحامية البرتغاليَّة، في أزمُّور، بمملكة المغرب، سنة 1521م، وعمرُه لم يتجاوز ثمانية عشر سنة، ولم يَكُنْ يَحْمِلُ سوى عاداتٍ مغربية غنية بالتواصل، بالإشارات، وحِذْقٍ أزمُّورِيٍّ، سيكفل له التَّأَقْلُمَ مع أشرس قبائل الهنود الحُمْرِ، في العالَم الجديد، وجِرابٍ، فيه ما فيه من أسرار أزمُّور. قُدِّرَ له أن يُباعَ في مملكتيْن على التوالي: مملكة البرتغاليِّين، حيث لشبونةُ، ومملكة الإسبانيِّين، حيث إشبيليَّةُ. نقله مُشْترِيِهِ النبيل الإسباني؛ أَنْدْرِيثْ، إلى سَلاَمَانْكَا، ثم إلى بلدَة بِيخَارْ، محاولاً تعميدَه، على امتداد سبع سنواتٍ، فأقبل على الدِّينِ المسيحي، وقلبُه مطمئنٌّ بالإيمان. كان مُشْتَريهِ من بين المُمَوِّلِينَ لِبِعْثَة؛ بَّانْفِيلُّو نَارْفَايِّيزْ، الاستكشافية، إلى فْلُورِيدَا، فاصطحبَه. استعرض مصطفى الأزمُّوري، من فوق مُشْرَفِ سفينة الأميرال، البحرَ المحيط، رفقةَ سيِّدِه، ضِمْنَ بِعثةٍ، مكوَّنَةٍ من ستمائة إسباني، أو يزيد، بينهم عشرُ نساء، خاضوا في بحر الظُّلمات إلى أرض فلوريدا. احتدم البحرُ الشَّرِهُ، ورمى شباكَ الأمواج عالياً. اعتكرتِ السماء، واغْتَمَّتْ، فَأَرْعَدَتْ، وغنَّت غناء البُروق، ثم، نزلت بِرَجْعِهَا، شِبَاكاً فوق الشِّباك، أمسكت بالسفُنِ من دُقُلِهَا، نَفَضَتْهَا، كَنَفْضِ المِكْنَسَة، إلى أنْ لم يَبْقَ فيها خشبٌ لم يَنْخَلِعْ، وحَبْلٌ لم يَنقْطِعْ، وقُلْعٌ لم يَتَمَزَّقْ، وصاريَّة لم تَهْوِ، وجُؤْجُؤٌ لم يَمِلْ. ابتلع البحرُ البحَّارةَ الستمائة، وهياكلَ السُّفُنِ، وقذَف بالطَّواقِمِ من فَوَّهَةِ البُركان إلى أجواف الحيتان؛ فابْتَلَعَتْهُمْ، إلاَّ خمسةً منهم: بَطَلُ رواية: “الأفْرُو أمِرِيكي”؛ مصطفى الأزموري، ومُشْتَرِيهِ؛ أَنْدْرِيثْ، وقائد البِعْثَةِ؛ نَارْفَايِّيزْ، وألُونْثُو، ثم؛ كَابِيثَا دِي بَاكَا: أي رأس البقرة، وهو كاتب مذكرات رِحْلَةِ البِعثة، المليئة بتحامُلِها، وأيضاً، بتبخيسها لكل مجهودٍ قام به المغرِبِيُّ، بطلُ الرواية. لَفَضَ البحر الغرقى، فيما انتثرت جِينَاتُ الرحَّالة المغربي؛ مصطفى الأزمُّوري “إسْتِيبَانِيكُو”، في أدغال فلوريدا، وفي غيرِها من أقطار العالَم الجديد، أي في أحضان الكثير من قبائل الهنود الحُمْرِ، كما انتثر استبدالُه الكلامَ بالإشاراتِ، في رُبُوعِ الهنود، لأجل التواصل. جعل الأربعة النَّاجُون من خامِسِهِمْ؛ مصطفى الأزموري، مُرْشِداً لهم، في براري العالَم الجديد، وبذلك، وضعوه أمام أمريْن: إمَّا أن يكون هَدَفاً لِسِهامِ الهنود الحُمْرِ، السكان الأصليِّين، وهو ما سيُخَوِّلُ لهم إمكانية الفِرارِ من الموت، وإمَّا يُسْعِفُه بريقُ عينيْه، المُنْبِئُ بحِذْقِه، واستعمالُه لإشاراتٍ مغربية رامزة، وإيماءاتٍ دالَّة، بِخَلْقِ تواصلٍ، ما، مع أَشْرَسِ قبائل الهنود الحمر