وصف الكتاب:
"إلى ماذا تؤرخ (جمانة طه) فى روايتها؟ أتؤرخ إلى قصص الحب سواء الفاشلة أو الناجحة؟ أم أنها تؤرخ للتحارب الذى يعلو صوته فى الواقع السورى؟ من أى زاوية ننظر لعملها، أهو عمل عن الحب أم عمل عن الحرب؟ وإذا ما كان الفارق بين الكلمتين حرفا واحدا، فإن الفارق فى أرض الواقع كبير جدا، فارق بين حياة وموت، بين طمأنينة وخوف، بين عمار ودمار، وهكذا من ثنائية متضادة لا يمكن التوليف منهما معا، ففى الواقع أن المحبة لو سادت بين الفئات المختلفة، لما وصلنا لهذا المصير الذى فرق شعبا كاملا، بأطيافه وطوائفه المختلفة." عن رواية: على تخوم الوجع «على تخوم الوجع».. الحب والحرب فى مواجهة الواقع حمزة قناوي رواية «على تخوم الوجع» للكاتبة المبدعة جمانة طه، (دار الثقافة الجديدة- القاهرة 2021) من الروايات التى تحتاج إلى قراءة معمقة للكشف عما بها من طبقات تأويلية، وهى الطبقات التى يمكن أن نلمس مفتاح شفرتها فى مقولتها التالية: «لم يحتل التحارب مجمل الحياة السورية، بل كان هناك فسحات للحب وللزواج والفرح. فمعظم العلاقات العاطفية التى انتهت بالزواج، تمت فى ظروف معقدة تراوحت بين القصف والتدمير والتجييش الطائفى والنزوح واللجوء والعسر المادى. فقصص الحب الناجحة والفاشلة تستحق أن يؤرخ لها لأنها تشير إلى استمرار الحياة». ص88. يمكن القول إن هذه الفقرة، تلفت النظر، إلى الطريقة التى ترغب كاتبتنا أن تتناول بها، رؤيتها للواقع المعقد والمتشابك فى الوضع السورى الراهن، وإذا ما كان (محمد بازى)، يعرف التأويل فيقول: «التأويل تفاعل معرفى بين بنية ذهنية وبنية نصية وبنية سياقية مؤطرة لهما، وبنية من النصوص الغائبة والعلوم المرجعية؛ لذلك فإنه يحتوى التفسير باعتباره نظرا فى الظاهر»، فإن أحد الأدوار التى يجدر على الناقد أن يقوم بها هنا هو فك التشابك بين البنى المختلفة المتضمنة فى السياق النصى بهذه الرواية المتشابكة الأحداث والرؤى، ومن ثم متضافرة التأويلات. إلى ماذا تؤرخ (جمانة طه) فى روايتها؟ أتؤرخ إلى قصص الحب سواء الفاشلة أو الناجحة؟ أم أنها تؤرخ للتحارب الذى يعلو صوته فى الواقع السورى؟. من أى زاوية ننظر لعملها، أهو عمل عن الحب أم عمل عن الحرب؟. وإذا ما كان الفارق بين الكلمتين حرفا واحدا، فإن الفارق فى أرض الواقع كبير جدا، فارق بين حياة وموت، بين طمأنينة وخوف، بين عمار ودمار، وهكذا من ثنائية متضادة لا يمكن التوليف منهما معا، ففى الواقع أن المحبة لو سادت بين الفئات المختلفة، لما وصلنا لهذا المصير الذى فرق شعبا كاملا، بأطيافه وطوائفه المختلفة. وتكشف القراءة أن الرواية تحمل فى طياتها صدمة روح عاشقة للحياة، ومحبة لها، غير قادرة على تحمل كمية الوجع الموجودة فى هذا الواقع الجنونى، الذى ربما لو أن أحدا من الروائيين قبل عقدين من الزمان قد كتبه أو تنبأ به ما صدقناه!، أو ما كان أحد يتوقع يوما أن تصل سوريا إلى هذا الوضع المرير الذى تعانيه الآن. إن الثيمة الجمالية الرئيسية فى رواية جمانة طه، وخصوصيتها الإبداعية قائمتان على فكرة شديدة التميز، هى المزاوجة بين عالمين يفترض أن يكون أحدهما أبعد ما يكون عن الآخر فى الواقع، عالمى العشق والتحارب، غير أن العالم الذى نعيشه اليوم لم يجعل من شىء مستحيلا، كما أن عين الرواية المجيدة، دقيقة فى التقاط تفاصيل الحياة والواقع واستخلاص جمالياته من قلب المأساة ومن أعمق المشاعر الإنسانية الوجدانية. إن الرواية هى أكثر الأشكال الأدبية قدرة على التعبير عن متغيرات الواقع المعاصر، بحسب ما يرى (سعيد يقطين)، والكاتبة تقدم لنا فى روايتها عملا يدور عبر مدارين، أو مؤلفا من طبقتين ما أبعد عوالمهما وما أقرب التقاءاتهما فى سوريا اليوم: الحب والحرب.