وصف الكتاب:
في ساعات كثيرة تتمثّل الوحدة عصًا تضرب الجسد المبلَّل بالمطَر. لا حديث للأرامل سوى الأسى، ما الذي يعنيه أن يكون المرء سجينَ ذكرياتٍ حزينة؟ النّساء اللّواتي انتُزِعَت منهنّ زينةُ الحياة في أحضان الرّجال الدّافئة إلى قلاع في أطراف تلك الوحدة الباردة الموحِشة بلا ذنب اقترفنه لتبقى في أنفاسهنّ مجرّد محاوَلات ليتلمّسنَ -على عمىً- ملامح الحياة داخل نفوسهنّ المحبوسة بالأمنيات والشّكوى دوماً. نفوسهنّ حبيسة الصّبر، لا يمتلكنَ جسداً خارج حدود الأمنية، ولا يمتلكن القدرة على مغادَرة جدران الأمل الضّائع الذي ترسمه خطوات كسيحة أو شبه معطَّلة، شفاه ملوَّنة بالحسرات تحاول إخفاء سواقيها المشقَّقة، وأفواه مشلولة لا رصيدَ لها من الصّراخ خارج أجسادها الأسيرة التي تحاول أن تفكّ قيودَ عذاباتِ الغريزة المُراوِغة وأصفادها، العذابات التي تنهشها كما ينهش الدّبّ الجائع فريسته, ليكون زقاق الجمجم ساعةً بعد أخرى ملاذاً تلتقي فيه الشّجون والحسرات المُرّة. اعتادت النّساء الأربع على التّصبّر بحكاياتهنَّ المبعثَرة طرداً لليأس، فقد باتت تلك العَتباتُ على مشارف دورهنَّ موانئَ انتظارهنَّ أشرعةَ القادمِ البعيد المنسيّة.