وصف الكتاب:
(1) رجلٌ غريب يجلسُ على الأريكة - قطعة ثلجٍ تفترش الرأس. - وجه غريبةٍ ضاحكٌ، يلوك العتمة. - رواية عن طائرٍ إفريقي. - ثلاث غنمات جائعات، يبحثن في الذاكرة عَن عُشب. - حظيرة لتربية الكلمات! - بيتٌ فوق غيمةٍ يطلُّ على نهرٍ أزرق. - سماءٌ من ورقٍ أصفرَ (له رائحة عتيقة). - قصةٌ قصيرةٌ من ثلاث جُمل، أولها: "التقيا"، آخرها: "افترقا". - فرنسا. - إسكتلندا. - سيبيريا. - ليلةٌ واحدة في موسكو. - كأسُ نبيذٍ مع عاهرةٍ في مالمو. - اثنان على سرير الأرض، وصوتُ الأشياء. - ليلةٌ واحدةٌ في صحراء تابيرناس. - ثلاثُ دقائق مع أفونسو كروش. - ساعةٌ في قطارٍ ذاهبٍ إلى لندن. - صورٌ كثيرة وصوت يخرج من مذياع قديم. - رجلٌ يجلسُ على الأريكة، يحاول أن يتنفس! *** (2) يجلسُ وحيداً على الطاولة مرّ وقت طويل على الحادثة، حتى إنّ صاحبنا نسي الأمر تماماً... ولكن، صباح اليوم عندما رأى رجلاً يشبهه يمشي في الشارع، تذكّر الفنجان الذي ظلّ وحيداً على الطاولة. صاحبنا مهووس مقاهٍ، هذا ما يمكننا قوله وما يمكننا تأكيده أيضاً، فإنه لم يترك مقهى في خان يونس إلا وزاره، بدءاً من الديرة و"الصن لايت" و"العمدة"، وصولاً إلى "الأماكن" و"الباشا" و"مزايا"، يحب صاحبنا أن يداوم على الذهاب إلى مقهى معيّن لسبعة أيام، ومن ثمّ يقوم بالتغيير لأنه مصاب بمرض خطيرٍ لا علاج له، يُدعى: الملل. أخذه الرجل إلى مقهى الباشا، هناك حيث ترى شارع جلال مبتهجاً مثل عروس ورقيقاً مثل لوحة، قضى صاحبنا في "الباشا" الأسبوع الأول من شتاء العام الماضي، كان يذهب في الرابعة عصراً ويغادر في العاشرة، يستقلّ نافذة تطلّ على الشارع، ويبدأ بارتشاف قهوته ونفث النرجيلة. في اليوم الأول، جاء رجل وجلس قبالة النافذة، طلب فنجانَيْ قهوة، ارتشف فنجاناً وترك الآخر على حاله أمام المقعد المقابل. في اليوم الثاني فعل الشيء نفسه، وفي الثالث والرابع حتى العاشر... كان يأتي في الثامنة مساءً، وكان ربع ساعة يكفي لأن يرتشف الفنجان ويغادر تاركاً الفنجان الآخر وحيداً على حاله. من شدة هوس صاحبنا وجنونه، ذهب إلى الفنجان المتروك بعدما غادر الرجل ليسأله عن السبب، ولكنه حين اقترب من الفنجان... وجد رجلاً يرتشف القهوة وينظر كل دقيقة إلى ساعة يده... بينما أتى صوت طائرة من الأعلى، وأفاد خبر على شاشة التلفاز باستشهاد رجل جديد. *** (3) شجرة المناديل احتفظتْ جارتي بمنديلها لستين عاماً كاملات، حيث كانت تمسح به دموعها التي تتساقط، بكت خمسَة آلاف مرة في حياتها، وحين قررت أن تموت، كتبتْ في وصيتها: ادفنوا المنديل في أرضٍ خصبةٍ، ولا تسقوه بالماء فقد ارتوى بما يكفي، وحين يكبر ويصير شجرة... اصنعوا منه نافذة. نفّذوا وصيتها... وبعدما أصبح المنديل قوياً ويمكن إضعافه بآلة قص، كانت النافذة تطلّ على بيتي... يومياً بعد الواحدة صباحاً، أسمع صوت نحيب النافذة. *** (4) حائط ثلاث حروب لم تكن كافية ليُهدم حائط الغرفة الغربيّ، في الحرب الأولى، أصيبت الغرفة بقذيفة هدمت الحائط الشرقي بالكامل، في الحرب الثانية أصيب الحائط الجنوبي بصاروخ زنانة فأضحى كومة من حجارة مفتتة، في الحرب الثالثة قُصف البيت بصاروخ F16 فطارَ إلى أراضٍ مجاورة وتناثر في اتجاهات كثيرة كان من ضمنها الحائط الشمالي للغرفة، إلا أن الحائط الغربي بقي واقفاً ولم يُصَب بأي خدوش. لم يستغرب أحدٌ ما حدث، واعتبروا الأمر صدفةً بحتة؛ فالكثير من الأسقف والحوائط تتشبث بالحياة رغم الحرب والدمار، لكنّ الوحيد الذي كان يعرف أن الأمر لم يكن صدفة هو صاحب البيت الذي ظلَّ ليومين يفكر في الأمر، وفي النهاية عَرفَ السِّر، حيث تَذَكَرَ فتحةً صغيرةً في الجدار كان يخبّئ فيها رسائله إلى الله عندما كان صغيراً. ذهب ليبحث عن الفتحة التي اختبأت خلف طلاء الحائط، وحين وجدها وقف أمامها خمس دقائق متسمّراً لا يعرف هل يمد يده أم يترك السرّ في مكانه! لكنه وبعد تفكيرٍ مضنٍ مدّ يده وتناول الأوراق التي في الفتحة، لم يظهر منها شيء فقد تآكلت بفعل الرطوبة، ولكنّ جملةً واحدةً كانت ظاهرة: يا الله أحبّ هذا الجدار... ----------------------