وصف الكتاب:
تأمل آدم في ذلك الصوت القادم إليه، يبحث عن مصدره يتفكر كلماته ولا يري من الحقيقة شيئًا، اقترب رويدًا رويدًا من تلك الشجرة، كانت نفسه تعافها بأمرٍ من خالقه، أما الآن فطيب رائحتها يزكم أنفه حتي لم يعد يري غيرها، خطواته بدأت بطيئة ثم سريعة فمتعجلة، والصوت يعود من جديد ليصدح مجددًا، خلد روحك واجعل من نفسك إلهًا لا يؤتمر، أنت فانٍ ولن تكون سوي ذلك مهما بذلت له من عبادة، ارتق لتجلس بجواره وقد تزيحه وتحل محله، الصوت يتكرر وكلما تردد آدم وشعر برغبة في التراجع كلما كانت تلك الكلمات تزيد عمقًا وقوة، لتكن خالدًا وأكون خادمك المطيع وعبدك العابد الناسك إليك، أنت لن تصدق إلا إذا جربت بنفسك، الوسوسة تستمر وآدم يحاول أن يقاوم، أن ينأى بنفسه عن زفير نجس لا يخرج سوي من شيطان رجيم لكن روحه كانت قد سقطت في تلك البئر، توغل الشيطان بداخلها، أغرقها في الوحل حتي صارت سوداء كسواد غراب سيراه فيما بعد، مع آخر تلك الكلمات قطف آدم أولي ثمار معصيته، طلب الديمومة والبقاء، أراد أن يرتمي في أحضان الخلود أن يبحث عنه في جنة لا يدخلها سوي المخلدون فهبط إلي الأرض مكلومًا محزونًا في شقاء لا ينتهي أبدًا، عصي ربه، طلب الغفران، سار إلي طريقه دون أن يتوخي الحذر وكان البشر هم النتيجة.