وصف الكتاب:
قد يصادفك الحظ السيئ وتقع إحدى أوراقي الصفراء هذه في يدك وتقرأ ما كتبته فيها من أحداث واجهتني في حياتي الماضية الأولى. لن أعبأ لرأيك في شخصي أو سكوني وتحركاتي، لم أكن سوى قطعة لحم وعظم طواها القدر في قبو النسيان، مصادفات وأقدار لم أرد العبث بها بل هي من تعبث بي وتعبث بك أيضا رغما عنك، حتى وإن تواريت عنها بعض الوقت لكن دائما لا مهرب ولا مفر. يوهمونك بتحكمك في اختياراتك وحياتك، إلا أننا في الحقيقة جميعا تمتد خطانا ضمن مسالك وحروب وأحداث لا طائل لنا فيها ولا قبل لنا بها، يزج القدر بنا فيها، بينما غالبا ما يأتي الضرر الأكبر من أقرب الأشخاص لنا منزلة. فلتتوقف عن رؤية الجميع بأجنحة هم ليسوا ملائكة وأنت لست في الرابعة من عمرك لتري الكون بهذه الوردية. لا تسخر من حديثي فالعالم من حولك دائما كعواصف مارس فعلى الرغم من هدوئه المصطنع إلا أنه محمل بزوابع الرياح التي تثير الغبار والخلافات والمشاحنات بين الحين والآخر فتتصعد لأعلى في أشكال حلزونية متصاعدة. ليتنا نعود لطبيعتنا ونمتزج بالطبيعة الصافية، لقد أقحمنا أنفسنا في خزائن مصطنعة وأسدال بالية وأقفال محبطة وحوائط سميكة تمنع عنا ضوء الشمس نسيم البحر حريتنا المنشودة. تنجذب نفوسنا لكل ما كان مكون من الماء كموج البحر وأجساد النساء، إني لأشفق عليك وعلى كل من يعيش بعيدا عن البحر سر الحياة، إنه وحي وإلهام وبئر أسرار واسعة عميقة.