وصف الكتاب:
قبل أكثر من خمسة و عشرين عاماً كنت أحرث شوارع دمشق بحثاً عن خيبة تشبهني، عن قلب يشاركني شغف اللغة الذي يمور في صدري، عقل يملك جرأة الاحتراق، عندها قابلته أول مرة.. شخص بعينين زرقاوين وقلب أخضر يهيم على تخوم الشعر دون أن يجرأ على اقتحام ناره، ليس خوفاً على نفسه بل رأفة باللغة وهو القادر على أن يشعل حرائقها بأبسط الكلمات. سألته عن الشعر فقال لي أنه يعيشه ولا يكتبه.. سألته عن الخيبة فقال لي أنها صديقته اللدودة.. سألته عن اللغة فقال لي أنها خيمته.. إنه البدوي الوحيد الباقي بعينين زرقاوين وقلب أخضر. طالما تخيلت مراد السيد كخليط محبب المذاق من محمد الماغوط ورياض الصالح الحسين وجميل حتمل.. من زكريا تامر وسعدالله ونوس ومن أشخاص أخرين لا نعرفهم ولكنه يعرفهم جيداً ويخفيهم في صدره كسرًّ عنيد. وبالرغم من كل ذلك الحشد الذي يجتمع فيه فإن له فرادة في الصوت و مهارة في رصف الكلمات البسيطة غير المنمقة لصناعة صورة مذهلة تنفذ إلى الصدر مثل سهم يشتعل. محمد برهان