وصف الكتاب:
التشيع في بلاد اليمن واثرة في الحراك السياسي المناهض للخلافة في الفترة الواقعة بين عام 35 هــ / 656 مــ وعام 300 هـــ / 912 مـــ جاءت هذه الدراسة لتعرض مسألة النشأة التاريخية لجماعة الشيعة في بلاد اليمن والظروف المحيطة بذلك، ومن ثَمَّ تقوم بتتبع أثر ظهور التشيع على الأنشطة السياسية المناوئة لسلطة الخلافة في تلك البلاد، وذلك في فترة زمنية تبدأ في عام ( 35 هـ / 656م )، وتنتهي في عام ( 300 هـ / 912 م ) أي منذ مستهل عهد الخليفة الراشدي الرابع علي بن أبي طالب، وحتى قيام القوى السياسية الشيعية المستقلة في اليمن. ولقد تزامن ظهور الشيعة في اليمن أول مرة مع صعود علي بن أبي طالب إلى مركز الخلافة الراشدة. أي في فترة تاريخية مبكرة، وذلك يرجع للدور الحيوي الذي لعبته القبائل اليمنية المستوطنة للعراق، وتحديداً الكوفة في نقل فكرة التشيع العلوي لبني جلدتها في بلاد اليمن، لا سيما أن تلك القبائل كانت مقربة من الخليفة علي بن أبي طالب، بحيث إنها انخرطت معه في صراعه السياسي ضد خصومه. وظهرت تبعات انتقال الولاء العلوي المبكر من العراق إلى اليمن من خلال تعرض شيعة اليمن للهجوم العسكري الذي شنه عليها القائد بسر بن أبي أرطأة العامري المرسل من قبل رأس الحزب الأموي معاوية بن أبي سفيان لتصفية أنصار علي بن أبي طالب هناك. وعلى الرغم من ذلك فقد نمت وتطورت جماعة الشيعة في بلاد اليمن على نحو تدريجي، إلا أنها كانت غالباً تعيش في حالة من العزلة والسكون متأثرة بالأوضاع السياسية العامة في دولة الخلافة، وأيضاً بالحزب العلوي الذي اعتزل بعض أفراده الحياة السياسية خلال فترات تاريخية محددة من القرنين الأول والثاني الهجريين - السابع والثامن الميلاديين. لكن بعد هيمنة بني العباس على سلطة الخلافة واستئثارهم بها دون بني عمومتهم العلويين ما لبث أن نشط الحراك الشيعي مرة أخرى في معظم الأقاليم خاصة في بلاد العراق، وفي أنحاء متفرقة من شبه الجزيرة العربية ومنها بلاد اليمن التي شهدت نشاطاً شيعياً مناهضاً لسلطة الخلافة في أقاليم عديدة منها، وهذا النشاط أسفر عنه ظهور قوى سياسية شيعية مستقلة عن سلطة الخلافة العباسية كالإسماعيلية، والزيدية ابتداء من القرن الثالث الهجري - التاسع الميلادي.