وصف الكتاب:
بحمد الله تعالى وتوفيقه يصدر كتاب قوانين حكم الإشراق لسيدي العارف بالله الشيخ أبي المواهب الشاذلي، بتعليق وشرح شيخنا العارف بالله الشيخ عبد الرحمن الشاغوري، تتولى نشره دار الإحسان، والشكر موصول للمشرف عليها فضيلة الدكتور محمد نصار. وقد طُبِعَ هذا الكتابُ عدّة مرات, منها طبعة قديمة ومنها طبعة العلمية, إلَّا أنَّ تلك النسخ لم تسلم مِنْ كثرةِ السَّقطِ والتَّحريف، بل لا تكاد طبعة العلمية تسلم صفحة واحدة من صفحاتها, وقد تجاوزت أخطاء طبعةِ العلمية ثلاثمئة خطأ, بحيث يتعذَّرُ على القارئ فهمُ كلامِ المؤلِّف رحمه الله تعالى. ولذا بادرتُ –بفضل الله تعالى- بتصحيح تلك الأخطاء واستدراك السقط الحاصل, من خلال مقارنة الكتاب على ثلاث مخطوطات. وقد قلت في مقدمة الكتاب: فهذه حِكَمٌ لطيفةٌ مِن لطائفِ نفحاتِ العواطفِ الرَّحمانيّة، ومنحةٌ مِنْ منحِ مواهبِ العطايا الرَّبانية، جادت بها قريحةُ الشيخِ أبي المواهب, لتنيرَ دربَ كلِّ سالكٍ وطالب, جاءت مُعبِّرةً عن نفائس أحوالِهِ الزكية، ومُسفِرةً عن كنوزِ دقائقِ حقائقِ سيرته العلية، تَدَفَّقَتْ حياضُ بدائعِ ألفاظها بزلالِ جوامعِ كلماتِها فتكلَّلَتْ بنفائسِ جواهرِ العلومِ أوراقُها، وطابت لمجتني رقائقِ الحقائقِ ثمارُها. وقد سَطَّرَ ما وَهَبَهُ الحقُّ في أربعة عشر قانوناً وختمها بالكتاب الجامع لأنواع الحِكَم, ثم بخاتمة الوصية وتضرع المناجاة, فجزاه الله عن جميع المسلمين وسائرِ السالكين خير الجزاء, فقد جاء هذا الكتاب على غايةٍ مِنَ التحرير والصواب, ولا غروَ إذ شَهِدَ له بذلك كبارُ فحولِ المشربِ العرفانيّ محقُّق الصوفية سيدي الإمام الشعراني, إذ قال فيه: (وله كتابُ "القانون" في علوم الطائفة، وهو كتابٌ بديعٌ لم يُؤلَّف مثلُهُ, يشهدُ لصاحبه بالذَّوقِ الكاملِ في الطريق). فهو بحقٍّ مِنْ أَهَمِّ وأعظمِ كتبِ التَّصوُّفِ مِنْ حيثُ الجانبُ السُّلوكيُّ والعِرفانيُّ, والجديرُ بالذِّكرِ أنَّه نَسَجَ كتابَهُ بطريقةِ مُشوِّقة –لم يُسبَقْ إليها- أتى فيها بشتى أنواعِ البلاغة من المعاني والبيان والبديع مِمّا يشهدُ له ببديع الأسلوب وجمالِ التَّعبير، فكان رضي الله عنه مِمّن مَلَّكتهم اللُّغةُ أزمّتها, وذَلَّلَتْ لهم قطوفَها. ومِنْ بديعِ أسلوبِهِ إتيانُهُ بالمعنى الواحدِ بعباراتٍ وطرقٍ مختلفة, فبعد إتيانِهِ بمقصودِهِ نثراً يأتي به شعراً, سواء كان مِنْ شعرِهِ أو مِنْ شعرِ غيرِه. والحمد لله أولا وآخرا، وما بكم من نعمة فمن الله، نسأل الله القبول بجاه سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم