وصف الكتاب:
يعرض هذا الكتاب مسيرة طويلة للحياة العقلية عند أعلام فلاسفة الإسلام في بلاد المشرق الإسلامي، وهم على الترتيب الكِندي والفارابي وابن سينا والغزالي، وهي مسيرة حافلة بمختلف الآراء والاتجاهات والمشارب، وقد حاولنا بقدر الإمكان أن نعرض لمذاهب هؤلاء الفلاسفة في تجرد وموضوعية، فهناك من اعتبر هؤلاء الفلاسفة مجرد نقلة لفلاسفة اليونان، وليس لديهم فكر فلسفي خالص، بينما يذهب البعض إلى القول بأصالة فكر هؤلاء الفلاسفة، فقد نشأوا في ظل الإسلام وتأثروا بالقرآن والسنة، فهي المعين الأول الذي استقوا منه أفكارهم وعقيدتهم، وإن كانوا قد استعاروا بعض المصطلحات والألفاظ والتقسيمات اليونانية، إلا أنهم أعطوها مفاهيم إسلامية تختلف تمامًا عما رمى إليه فلاسفة اليونان، وهم إن قاموا بالترجمة والشروح والتعليقات لكتب اليونان، إلا أنها خضعت لنقد رصين هادئ من قبل العقلية الإسلامية، ومن قبيل الإنصاف ألا ننكر تأثر بعض هؤلاء الفلاسفة بفلسفة اليونان خاصة أفلاطون وأرسطو وأفلوطين، لكنهم لم يقفوا عند هذا الحد، فهم وإن كانوا قد أفادوا من الفكر اليوناني إلا أنهم قد أضافوا إليه الكثير من معين الثقافة الإسلامية، فكان نتاج الحضارة العربية الإسلامية من علم وفكر وفن، وقبل الغوص في بحار هؤلاء الفلاسفة آثرنا أن نمهد لهذا الكتاب بالحديث عن نشأة الفلسفة الإسلامية، وكيف كانت تطورًا طبيعيًا لعلم الكلام الإسلامي و كيف تختلف عن هذا العلم في المنهج والموضوع، ثم عرضنا لمكانة الفلسفة الإسلامية.