وصف الكتاب:
ما سرّ الصعوبات النحوية والبنيويّة في عدد من الآيات القرآنية؟ لماذا يستعصي بعض هذه الآيات على قواعد الإعراب بل حتى على حدٍ أدنى من الاتفاق على مفهوم الآية وما يمكن استنباطه منها من أحكام؟ حتى بمراعاة طبيعة النصوص المقدسة بصفة عامة والأسلوب القرآني بصفة خاصة، يبقى عديد الآيات القرآنية التي لا يمكن تعليل صعوبات قراءتها إلا بافتراض أنها مقصودة في ذاتها للإحالة إلى مبدأ تأويلي منطوٍ في صلب بنية النصوص نفسها. لماذا يستحيل الاتفاق على إعرابٍ مقنِع للفظة "الصابرين" في البقرة 177؟ أو لعبارة "المسجد الحرام" في البقرة 217؟ أو "الصابئون" في المائدة 69؟ وكيف يكون للفظة "المحصنات" ثلاثة معانٍ في نفس النساء 25؟ وما الذي أوهم " باترشا كرون" أنّ "الكتاب" في النور 33 ما هو إلّا عقد زواج وليس عقد إعتاق؟ وكيف توهّم "جوزف شاخت" أن الفقه قد زاغ عن صريح نصّ المائدة 6 فيما يخص القدمين في الوضوء؟ ولماذا توجد آيات مفصولة عن بقية الآيات التي تتناول نفس الموضوع في نفس السورة، بينما تتكرر في هذه الآيات جمل وعبارات نجدها في الآيات السابقة المتعلقة بنفس أحكامها، مثل البقرة 240 و 241 من جهة والبقرة 234 و 236 من جهة أخرى؟ بل كيف توجد النساء 176 في نهاية السورة وتتقدم عليها النساء 11 و 12 وجميعها متعلقة بالمواريث، بينما يصعب أن نجد حكماً في النساء 176 لا يوجد في الآيتين السابقتين؟ ولماذا نلاحظ نفس ظاهرة التكرير في آيات أخرى يصعب الجمع بين كل أحكامها، مثل آيات الصيام (البقرة 184 و 185)، وآيات الطهارة (النساء 43 والمائدة 6)؟ لماذا نقرأ كذلك في البقرة 177 "ليس البرّ أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب" ونجد في نفس الآية أن إقامة الصلاة من وجوه البرّ؟ وكيف يكون لكل أمة "شرعةً ومنهاجاً" ويكون الكتاب "مهيمناً" عليها في المائدة 48؟ ومن أين الزكاة لرجال يسبّحون لله "بالغدو والآصال" و"لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله" في النور 36 و 37؟ هذه بعض الشواهد التي ينطلق منها هذا الكتاب لنقاش دعوى قطعية النصوص الفردية وكشف خطورتها في التأسيس للتطرف وعرقلة تجديد الفقه، وللمناداة بالعودة إلى الإجماع "القطعي" للمذاهب الثمانية في التعبديّات، والمقاصد "المنضبطة" المستقرأة من النصوص المتضافرة والعلل المطّردة في غير التعبديّات، في إطار المشروع المطروح القائم على اكتساب الرؤية التاريخية واستعادة الرؤية التأويلية..