وصف الكتاب:
يشكل الفضاء المتوسطي منطقة متميزة في العلاقات الدولية،انطلاقا من المعطيات الجغرافية التي جعلت منها بحرا مغلقا جغرافيا و لكنه فضاء مفتوح جيوسياسيا، فإذا كانت دول الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط قد خضعت للامبريالية الغربية في مختلف صورها، و حتى لمنطق الهيمنة من طرف المعسكرين الشرقي والغربي أثناء الحرب الباردة، فإنها لم تكن في منأى عن تداعيات وتحولات عالم ما بعد الحرب الباردة، أين شهدت تنافسا للقوى الكبرى في سعيها لإعادة الانتشار الاستراتيجي في المنطقة، سواء كان الحديث يخص القوى التقليدية كالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي،أو حتى القوى الصاعدة كالصين، التي دخلت هي الأخرى خط المنافسة في سجال اقتصادي محتدم كمتغير صاعد لتراجع المتغير العسكري بعد ﻧﻬاية الحرب الباردة. إن البحث في الجانب الأمني للعلاقات بين الفواعل الناشطة في الحوض المتوسطي،أخذ حيزا هماما في تحليلات الباحثين المهتمين بهذا الفضاء الجيوسياسي،سواء تعلق الأمر هنا بالفواعل المشكلة لهذا الفضاء و المنتمية له،أو من خلال تلك الفواعل المتدخلة فيه خاصة القوى الكبرى المساهمة في تشكيل الهندسة الأمنية للبحر المتوسط، وكذا رسم أهدافها ومحاورها،بل وحتى تحديد أدواتها والياتها. وهنا تبرز عملية الربط بين ثلاثية الأمن / القوة / سلم القوى و دورها كمتغير مؤثر في تشكيل معالم المبادرات الأمنية في حوض البحر الأبيض المتوسط عامة، وفي منطقة الحوض الغربي للمتوسط خاصة،وأحسن نموذج لدراسة هذا التفاعل هو الحوار الأمني بين حلف شمال الأطلسي و دول المغرب العربي. إن عملية بناء المبادرات الأمنية في حوض البحر الأبيض المتوسط تتم من خلال التركيز على ثلاثة (03) مستويات متباينة، ولكنها متداخلة بالنظر إلى تأثيراتها على الأمن في المنطقة، و يكون المستوى الأول هو المستوى المتعدد الأطراف (Multilatéral)أين يبرز حوض البحر الأبيض المتوسط بأبعاده الجغرافية و الجيوسياسية، والمستوى الثنائي (Bilatéral) من خلال نموذج المتوسط الغربي، وصولا إلى المستوى الثالث و هو تحت الإقليمي (Sous Régional). يستدعي البحث في موضوع الحوار الأمني بين حلف شمال الأطلسي و الدول المغاربية ،محاولة فك الارتباط القائم بين ثلاثية الأمن / القوة / سلم القوى و عملية تشكيل المحاور الكبرى لمحتوى الحوار بين الطرفين، إلى جانب البحث في تأثيراته على الترتيبات الأمنية في المنطقة المتوسطية و المغاربية. وكل هذا يتم في إطار الإلمام بالتطورات الحاصلة في ضفتي المتوسط عامة، والإشارة إلى تداعيات التدخل الأطلسي في ليبيا مؤخرا على التوجهات المستقبلية للحوار الأمني الأطلسي مع الدول المغاربية. الكلمات المفتاحية: البحر الأبيض المتوسط،المتوسط الغربي،حلف شمال الأطلسي،الأمن،القوة،سلم القوى،المبادرات الأمنية،الحوار الأمني.