وصف الكتاب:
يمثل العصر الذي نعيشه عصر الإعلام وبجدارة، حيث أن أغلب الناس يقضون وقتهم مع الإعلام استقبالا وتفاعلا كل بحسبه، وهذا التغلغل والنفوذ على مستوى الأفراد والأمم يتطلب من أصحاب الرسالة الإسلامية والدعاة والمصلحين الولوج الذكي والمدروس لتحقيق مجموعة من الأهداف الإسلامية، خصوصا في ظل التصور الشمولي للإسلام باعتباره منهجا للحياة، ودستورا لحركة الإنسان والمجتمع في هذه الحياة، حيث يقدم البدائل الإسلامية في مختلف مجالات الحياة، ومنها الإعلام، بجانبيه النظري والتطبيقي، لما لهذا المجال من أهمية بالغة وخطيرة في توجيه عقول الجماهير، وتشكيل سلوكياتها في الحياة، في عالم تحول إلى قرية كونية، خصوصا وأنه نشأ وتطور في كنف الحضارة الغربية، فأصبح الإعلام أداة فعالة للقوى الغربية للعمل على تمكينه من بسط سيطرته، ونشر حضارته، والعمل على تشكيل العالم وفق الطريقة التي يريدها كل من النظام الدولي الجديد والعولمة في إطار النظريات الإعلامية الغربية، حتى أن آفة العالم العربي والإسلامي اليوم تتحدد في غياب إعلام قوي، يؤدي وظائفة الحضارية بكل صدق،،وهذا ما فتح الباب أمام الغزو الإعلامي الأجنبي، فأصبح العالم الإسلامي كله حقل تجارب لكل من هب ودب، من الشرق أو من الغرب سعيا لإفساد شعوبه وإبعادهم عن دينهم وحضارتهم، من خلال رسالة إعلامية تتسم بالأتي: – التضليل وإلباس الحق ثوب الباطل، وإظهار الجاني بمظهر الضحية، والعكس صحيح؛ ومن ذلك ما يشاع من ربط الإسلام بالإرهاب، وما يبث ويتناقل من حب اليهود للسلام. – البعد عن الدقة والعلمية عند الحديث عن المسلمين. – التطفيف، وازدواجية المعايير، وسياسة الكيل بمكيالين. – الانحياز التام ضد الفكرة الإسلامية الصحيحة، والسعي الدؤوب لزرع بذور التفرقة بين المسلمين. – إحلال الرذيلة وإفساد الأخلاق ونشر العنف. وما زاد من طغيان وسلطة الإعلام الغربي وتأثيره بشكل محسوس على أفكار واتجهات الجماهير بالعالم العربي والإسلامي، وإغراق مجتمعاتنا بمحتوى ورسائل إعلامية متشبعة بالابتذال والإسفاف والتجاوزات الأخلاقية، افتقارنا إلى إعلام قوي وهادف يعمل على ضوء المبادئ الإسلامية الداعية للفضيلة في كل مناحي الحياة،ومن هذا المنطلق برزت الحاجة إلى ما اصطلح على تسميته بالإعلام الإسلامي،الإعلام الذي يعالج الثغرات التي أوجدتها العولمة،والإعلام الذي يساعد على حماية الحياة الخاصة للأفراد والأمن القومي للمجتمعات، والقادر على إيقاف التهديد الذي تمثله العولمة للذاتية الثقافية للأمم والشعوب العربية والإسلامية،والقادر أيضا على توفير العدالة في تدفق المعلومات لكل الأمم والشعوب الأخرى،وغيرها من القضايا التي ينبغي على الإعلام الإسلامي معالجتها وتقديم أفضل الحلول لها. ولما كان العالم الإسلامي جزءا لا يتجزأ عن غيره من الدول والمجتمعات التي تتعرض لما يبث من برامج إعلامية مختلفة؛ فقد كان طبيعيا أن تتأثر كثير من هذه المجتمعات المسلمة بمضامين وأهداف الرسائل الإعلامية الصادرة من أجهزة الإعلام المختلفة، ولاسيما بعد سيطرة الشبكات الإذاعية والأقمار الصناعية. ولما كانت المصادر الإعلامية في معظمها بعيدة عن هدي الإسلام ومبادئه، أو على الأقل غير حريصة على تقديم مفاهيم الإسلام وتوجيهاته ضمن مضامين برامجها، فقد أتاح ذلك سيطرة ملموسة على ما يصل العقل المسلم من برامج منحرفة عن هدي الله، حتى أصبحت مثل هذه البرامج قضايا مسلما بها لدى بعض الناشئة، حيث لا بديل عنها تقدمه الدول والمؤسسات الإسلامية، والتي كانت، بل وما زالت، لا تمتلك تقنيات الاتصال الحديثة أو التنظير والتأصيل الإسلامي للرسالة الإعلامية،فنحن إذا أردنا أن نقنع العالم بالدين الإسلامي كدعوة عالمية، لا بد أن يكون ذلك من خلال إعلام قوي، يستفيد مما وصل إليه التقدم المذهل في صناعة الاتصال..