وصف الكتاب:
يوضح هذا الكتاب أهم الوقائع التاريخية (الاقتصادية) التي ساهمت تغير أنماط العيش منذ العصور القديمة حتى العصر الحالي إذ يتعذر فهم علم الاقتصاد دون إدراك لتاريخه، و تلك حقيقة تقرها الدوائر الأكاديمية و مع ذلك فإن تاريخ والوقائع الاقتصادية لم يكن ميدانا شائعا للدراسة بين الأكاديميين و ، ثمة مشكلة أكثر خطورة هي أن جانباً كبيراً من الكتابات الاقتصادية، و ربما معظمها قد افترض أن الأفكار الاقتصادية لها حياتها وتطورها الخاصان بها فالتقدم في موضوع البحث يتم بصورة تجريدية دون ارتباط بالواقع، بل على العكس فالأفكار الاقتصادية هي دائما و في الأساس نتاج لزمانها ومكانها و لا يمكن النظر إليها منفصلة عن العالم الذي تفسره. و مثلما يتغير العالم – وهو في الواقع في تغير مستمر – كذلك فإن هذه الأفكار لابد أن تتغير إذا أريد لها أن تحتفظ بأهميتها. إن الأفكار الاقتصادية ظهرت مع بداية وعي الإنسان بضرورة توفير حاجاته المادية الأساسية و المتمثلة في تأمين الغداء و الكساء والمأوى في ظل الندرة النسبية التي هي محور المشكلة الاقتصادية ، هذه الحاجيات تتطور وتتعقد حسب الزمان والمكان، أي حسب التطور الاجتماعي ،الثقافي ، والحضاري، ولأن الفكر الاقتصادي يرتبط بالإنسان وينطلق منه فإنه كان و ما زال دائما يبني في ذهنه تصوراً للحياة الاقتصادية وهو ما يمكننا من استنتاج ما يلي: ” الوقائع التاريخية ( الاقتصادية ) سبقت الأفكار الاقتصادية ، أي أن الأفكار الاقتصادية كانت و ما زالت تتأثر بالواقع الاقتصادي و،الاجتماعي ،والسياسي السائد أي أن الأفكار الاقتصادية تأتي مفسرة ومكملة للوقائع الاقتصادية.” و عليه يمكن إعطاء تعريف مختصر للوقائع الاقتصادية و هي:” تلك الأحداث التي جرت في حيز زماني و مكاني معين، لتأتي بعدها النظريات الاقتصادية مفسرة لهذه الأحداث وفقاً لمجراها الطبيعي.” و من بين هذه الوقائع نذكر ما يلي: اكتشاف كريستوف كولومبس صدفة قارة أمريكا _الغنية بالمعادن النفيسة خاصة الذهب والفضة_ بعدما كان يريد الوصول إلى الهند عن طريق الإبحار غرباً (واقعة)، و ما ترتب عليه من ثراء الحكومة في اسبانيا هذا الاكتشاف كان له بالغ الأثر في توجه الفكر الاقتصادي في اسبانيا إلى تبني السياسة المعدنية. أثر حروب نابليون ( واقعة )، حيث اضطرت انجلترا إلى توقيف الوفاء بالذهب في سبيل تمويل مجهودها الحربي، وأصبح بنك انجلترا يصدر عملة ورقية دون غطاء كامل من الذهب، و هو ما أدى إلى ارتفاع مستوى الأسعار. الثورة الصناعية و ما ترتب عنها من تغير كلي في أساليب الإنتاج و ظهور نمط الإنتاج على نطاق واسع( واقعة )، أدى إلى ظهور النظريات المفسرة للقيمة و الأجور والأرباح…الخ أثر الأزمة الاقتصادية العالمية لسنة 1929 ( واقعة )، في القضاء نهائياً على النظرية الكلاسيكية في التشغيل، وانتشار الفكر الكينزي محلها. والله ولي التوفيق المؤلف