وصف الكتاب:
مقدمة لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان لعمارة الأرض، واستخلفه فيها، قال تعالى :(وإِذْ قَالَ رَبُكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) الآية 30″سورة البقرة”، مفهوم الخلافة هنا يقتضي من الإنسان أن يعمل بشرع الله، وأن يضبط سلوكياته وتصرفاته طبقا لذلك الشرع، حتى يتحقق مبدأ العبودية الخالصة لله سبحانه وتعالى. ولكن الملاحظ أن الإنسان ينحرف أحياناً عن منهج الله فيدمر ويفسد ما حوله، مما أدى إلى ظهور بعض المشكلات البيئية، كالتلوثالبيئيبمختلفأنواعهواستنزافالمواردالطبيعية، وغيرهامنالمشكلاتالتيتكشفبوضوحوجودخللكبيرفيسلوكالإنسانوتصرفاتهغيرالرشيدةمعمكوناتالبيئة. فلايخفىعلىأحدأنحمايةالبيئةأصبحتمنالتحدياتالتيتواجهالعالم، هذهالمواجهةالتييكونفيهاالنجاحخيرميراثللأجيالالقادمة .فإذاكانالسلوكالإنسانيهوالعاملالأساسيالذييحددأسلوبوطريقةتعاملنامعالبيئة، واستغلالمواردها، فلاشكأنللتعليمدوراًهاماًفيترشيدهذاالسلوكللحدمنالأخطارالناجمةعنالاستخدامالمفرطللمواردالبيئيةالمتوفرة. أصبحمصيرالحياةعلىالأرضمهدداًبالخطربسببتدخلاتالإنسانفيالتوازناتالطبيعية، فمنذبدءالخلقوالإنسانفيصراعدائمومستمرمعالبيئة، فبعدماكانتالبيئةهيمصدرالخطرعليه، أصبحهومصدرالخطرالأولنتيجةتقدمهصناعياوتكنولوجيا، والاستنزافالمتواصلللثرواتالطبيعيةوصراعالإنسانمعبنيجنسه، وزيادةالكثافةالسكانية، والصيدالجائرللحيوانات، وقطعالغابات، ونقصالمياهوتدهورنوعيتها، ومحدوديةالأراضيالقابلةللزراعة، كلهذهالمشكلاتالبيئيةجعلتالعلماء، والمختصينيدقونناقوسالخطرمؤكدينعلىإحداثتغيراتجذريةفيأسلوبتعاملالبشرمعالبيئة، وبالتالياتجهتأنظارالمجتمعإلىالنظامالتربويالذييمكنأنيساهمفيعلاجوحلالأزماتالبيئية، وذلكلماللتربيةالبيئيةمنأهميةفيضبطسلوكالإنسان، وإحداثالتغييرالمنشودفيإعادةالتوازنالبيئيوالعملعلىتعميقتنميةالوعيالبيئي . وبماأنالتلاميذيشكلوننسبةكبيرةمنالمجمعاتالحضرية، فإنهمنالأهميةبمكانأنيهتمالقائمونعلىالعمليةالتربويةبتنميةمهاراتوقدراتالتلاميذنحوبيئاتهملتغييرالأنماطالسلوكيةالسيئةللبيئة، لماتسببهمنمشاكلآنيةومستقبلية، وإكسابهمالمعرفةواحترامالعلاقاتالتيتربطالإنسانببيئته . والجزائر من بين الدول التي أعطت أهمية كبيرة للتربية البيئية في التعليم بمختلف مراحله، ويتجلى ذلك من خلال الإصلاحات التي قامت بها في المنظومة التربوية، حيث تم إدراج بعض المواضيع المتعلقة بالبيئة في المناهج التربوية وبعض الأنشطة لتدعيم هذه المواد كتخصيص الحقيبة البيئية للتلاميذ، وإنشاء دفتر المنخرط في النادي الأخضر من أجل التربية البيئية التي أقرّتها كل من وزارتي التربية الوطنية والتهيئة العمرانية والبيئة والسياحة بمشاركة أساتذة ومختصين . إن مفهوم التربية البيئية أصبح على درجة كبيرة من الأهمية، حيث عُقدت المؤتمرات الدولية للتصدي للمشكلات البيئية، فكان أول مؤتمر عالمي عُقد في استوكهلم بالسويد عام 1972، وقد كان من أهم توصياته ضرورة إعداد برامج للتربية البيئية لكل مراحل التعليم، ثم عُقد بعده مؤتمر التعليم البيئي في تبيلسي بالاتحاد السوفيتي سابقا (جورجيا حاليا) من 14 إلى 16 أكتوبر 1977 والذي ركز على أهمية عمل استراتيجيات التربية البيئية وتنمية الوعي البيئي. ونتيجة لكل ذلك أصبح الاهتمام بالتربية البيئية في المناهج التربوية هاماً جداً لإيقاظ الحس البيئي عند التلاميذ اتجاه المشكلات البيئية ومعرفة كيفية الحد منها. وقد جاء هذا الكتاب محققا لبعض الطموحات والآمال لدور التربية البيئية في المناهج التربوية ومواجهة البيئة بكل تعقيداتها ومشكلاتها وخاصة في ظل عالم متغير ومتقلب في تطوره ومعقد في تقدمه وهذا ما يثقل المسؤولية على التربية في التصدي لكل هذه الإشكاليات المعقدة. يتألف هذا الكتاب من أربعة فصول وهي على النحو التالي: الفصل الأول:جاء بعنوان البيئة والإنسان، تم تناول مفهوم علم البيئة، وعلاقة الإنسان بالبيئة عبر مختلف الأزمنة من أجل إعطاء فكرة عن هذه العلاقة، وعن أهم المدارس البيئية التي تناولتها، وكيف تطورت، ثم انتقل إلى العلاقة بين التنمية والبيئة، وإعطاء لمحة تاريخية عن التنمية المستدامة، مرورًا بالنظام البيئي ومكوناته. الفصلالثاني:تم عرض المشكلات البيئية التي يعاني منها العالم، كاستنزاف الموارد الطبيعية، واختلال التوازن البيئي والتلوث بأنواعه وفي الأخير واقع البيئة في الجزائر. الفصل الثالث: تناول التربية البيئية، فقد تطرقنا إلى نشأة التربية البيئية، ومراحل تطورها، ومبادئها، وخصائصها، ثم إلى دور المعلم في التربية البيئية وأساليب واستراتيجيات تطبيقها وفي الأخير استراتيجية الجزائر اتجاه البيئة، وأهداف النادي الأخضر. الفصل الرابع: الموسوم بالبيئة في المناهج التربوية، فقد جاء مكملا للفصل السابق، بحيث تم تناول البيئة وعملية تطوير المناهج، والمقارنة بين المنهاج التقليدي والمنهاج الحديث، كما ركزنا على الأنشطة البيئية في المناهج التربوية، ومعايير اختيارها، وكيفية التخطيط لها، ثم الانتقال إلى المناهج ومشكلة حماية البيئة، والاهتمام بالمناهج الموجهة بيئيا، كما تطرق إلى دور وخصائص المعلم في المناهج الحديثة، كما خصص جانبا للمنهج البيئي، وفي الأخير ختم الفصل بالوضعية الحالية للمناهج التربوية في الجزائر. د.لحبيب بن عربية