وصف الكتاب:
إنّ الأدب الشعبي فنٌ إبداعي، وذوقٌ جمالي، وليد تجارب بشرية، إذ يتفاعل مع الحياة الجمعية اليومية باستمرار، ليُعبر عن روح الإنسان ووجدانه، ومعتقداته ونفسيته وعواطفه، فيعكس رؤاه واتجاهاته ومستوياته الحضارية، ويُترجم واقعه بما يحمل من آلام وآمال. ويلبي حاجات إنسانية تختلف بتباين العصور والشعوب، بل ويُساهم في صياغة الوعي والتّصور إزاء الوجود والإنسان والمجتمع والسلوك. فالأدب الشعبي أدب حيّ، له فاعلية وقدرة على الحركة، لارتباطه الوثيق بالشعب الذي أفرزه، وعبّر عنه الأدب في جميع أحواله. لذا يقُص الأدب الشعبي مسارا تاريخيا يتّسم بالتبدل، لأنّه أدب شفوي، يستوطن الذاكرة البشرية، ويعتمد بقاؤه على ديمومته حيّا في أذهان الشعوب من جهة. ويراعي استعدادات المتلقي وثقافته من جهة أخرى. وكلٌ من الراوي والمتلقي يتأثران بالظروف المحيطة المتنوعة؛ الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، فضلا عن التأثر بوسائل الإعلام والتكنولوجيا. ويؤدي الأدب الشعبي وظائف متنوعة متكاملة؛ اجتماعية وتربوية وثقافية وقومية، وغيرها، أبرزها خلق أنماط سلوكية، تُعين المجتمع على الاحتفاظ بتماسكه ووحدته، وتغرس في الأجيال قيّم المواطنة عكس العولمة التي تهدد كيانها وهويتها. وتكمن أهمية الأدب الشعبي في تقديمه فكرة عن تاريخ الفكر البشري، وتطوره عبر الأجيال، وصور تفاعل الإنسان مع بيئته، من خلال اتسامه بخصائص الانتشار والتداول والتراكم. فيوثق بذلك العلاقة بين الماضي والحاضر، ويربط هذا الحاضر باستشراف المستقبل. وتتجلى قيمته في مدى فاعليته في بناء مجتمع، له القدرة على التصدي لمختلف التحديات التي تهدد الكيان الجمعي، لاسيما في عصر العولمة، الذي تعيش فيه البنية الاجتماعية طغيان التقدم العلمي والتكنولوجي والمادي، على الجانب الروحي والإنساني والأخلاقي . إذن فأدبنا الشعبي، بحاجة ماسة إلى العناية والدراسة، للإسهام في الحفاظ على الهوية الجمعية، وتعزيز القيّم الإنسانية و الدينية والوطنية، وترسيخ جذورها وشدّ عُراها. من هنا انبثقت فكرة هذا المؤلف الموسوم ب« الأمثال الشعبية ؛بعيون نقدية»، إشراف :د.فتيحة بلحاجي، المركز الجامعي(مغنية)(تلمسان)الجزائر، والذي ينطوي على جملة من المدارسات التي تسعى إلى استثارة إشكالات في أذهان الباحثين، المهتمين بهذا النوع من الأدب، وبلورتها في رسائل ودراسات، تُعنى بفتح الباب واسعا أمام الجدة و الابتكار، وتُقدم إضافات للموضوع، من شأنها خدمة البحث العلمي والجامعة و المجتمع. والله نسأل أن يجعل هذه الأبحاث مفاتيح لما استغلق على الألباب، واستعصى عن الفهم. وصلّ اللهم وسلم على سيدنا محمد أ.د. نورة بن حسن كلية العلوم الإسلامية، جامعة باتنة 1، الجزائر