وصف الكتاب:
جعلت الشريعة الإسلامية مصالح العباد على مراتب، فمنها ما يلزم لبقاء أصل المقاصد؛ كالحفاظ على الحياة ومنع إختلالها، وهي المسماة بالضروريات، ومنها ما يلزم الدفع الجهد الزائد والمشقة البالغة عن العباد في شؤونهم المختلفة؛ وهي الحاجيات، ومنها ما يلزم لضمان سير الحياة على نحو كريم مرفَّهٍ؛ مما يدعو إليه رغد العيش، دون أن يلزم من فقده هلاك أو حرجٌ زائد، وهي التحسينات. وقد راعت الشريعة الإسلامية كل تلك المصالح، وفي كل المجالات؛ من عبادات ومعاملات... فحرصت على تحصيل كل ما هو ضروري للإنسان، وعلى رفع كل ما يطرأ عليه من مشقة لا يستطيع تحملها؛ بل راعت الشريعة - أيضاً - ما يضمن لهذا الإنسان العيش الكريم من وسائل السكون والدَّعة، كل ذلك على ألا تطعن رتبة على أخرى، وإلا؛ فإنه عند التعارض لا بدّ من الترجيح بين المصالح المختلفة حسب رتبتها وأهميتها. وإلى هذا، فإن موضوع هذا الكتاب هو الرتبة الثانية من المصالح السالفة الذكر، وهي رتبة الحاجة، فبين الباحث حقيقتها، وضوابطها، بما في ذلك أقسامها، والشروط اللازمة لصحة العمل بها، وتأثير هذا النوع من المصالح في الأحكام الشرعية المختلفة؛ التكليفي منها، والوضعي، كل ذلك من خلال تتبع أقوال الفقهاء في كتبهم، وما يمكن أن يستنبط من الأمثلة التي ذكروها فيما يتصل بالحاجة، ليتناول الباحث من ثم أثر تلك الضوابط للحاجة فيما يجري بين الناس من المعاملات المالية التي لم تكن معروفة من قبل بصيغتها الحالية، وبيان مدى توافر ضوابط الحاجة على هذا النوع من المعاملات المالية؛ لمعرفة حكمها الشرعي بناءً على ذلك. أما منهج البحث وطريقة الكتابة فيه فقد جاءت على النحو التالي: لقد تعدد منهج الباحث في بحثه هذا بين المنهج الإستقرائي والتأصيلي والتحليلي والمقارن والتطبيقي - المنهج الإستقرائي: حيث تتبع الباحث ما ذكره الفقهاء من الفروع في موضوع الحاجة؛ بغية الوصول إلى القواسم المشتركة بين تلك الفروع. وقد اتبع الباحث هذا المنهج؛ لأن الفقهاء نادراً ما ينصّون على التأصيل في موضوع الحاجة، فهم يذكرون أمثلة منثورة في شتى أبواب الفقه فحسب، دون أن يذكروا الضابط الجامع، أو التأصيل لما ذكروه - المنهج التحليلي المقارن: وهذا المنهج المتتبع عادة في الأبحاث الفقهية؛ حيث شرح الباحث المسائل المطروحة بجزئياتها، مقارناً بين الأقوال المختلفة في المواضيع التي وجد فيها تعدداً للآراء، مع ذكر الترجيح بمبرراته. المنهج التطبيقي: حيث عرض الباحث لنوازل المعاملات التي كان للحاجة أثر فيها، ودرس ولدى إنطباق ضوابط الحاجة على تلك الوقائع وصولاً للحكم المتفق مع الدراسة التأصيلية، وأما خطة البحث فقد جاءت كالتالي: جاء هذا البحث في فصل تمهيدي وبابين، يضم كل منهما بضعة فصول، بين الباحث في الفصل التمهيدي حقيقة الضابط والحاجة جاء ذلك ضمن ثلاثة مباحث. أما الباب الأول فقد دار حول حجية العمل بالحاجة وأقسامها وشروطها وأثرها في الحكم الشرعي، وقد جاء هذا ضمن فصول ثلاثة، أما الأول منها فقد بين فيه الباحث حكم الإحتجاج بالحاجة ودليل إعتبارها، وفي الفصل الثاني تحدث عن أقسام الحاجة وشروط العمل بها، أما الفصل الثالث فقد أفرده لبيان أثر الحاجة في الحكم الشرعي، وصلتها بالضرورة. ودار الباب الثاني حول موضوع تطبيقات الحاجة في المعاملات المالية المعاصرة وقد اشتمل على فصلين: تم في الفصل الأول بيان التطبيقات المعاصرة للحاجة في المعاوضات، عارضاً في الفصل الثاني للتطبيقات المعاصرة للحاجة في التوثيقات والشركات والتبرعات، وأخيراً جاءت الخاتمة التي ضمنها الباحث أهم النتائج التي توصل إليها من خلال البحث، وكذلك التوصيات من خلال البحث، وكذلك التوصيات التي بدا له أنها جديرة بالأخذ والإهتمام.