وصف الكتاب:
كنت صغيرةً ولكن كنت أعرف أن ذلك عيبٌ وحرامٌ، ولا يصح أن تجتمع امرأةٌ برجلٍ غريبٍ دون وجود زوجها أو تختلط بهم بصورة مخادعة ومبتذلة على سيبل القرابة في وجود زوجها، وقد يصل الأمر أمامه إلى أنها ترحب أو تودع قريبها وتقبله وتحضنه فهو قد تربَّى معها وفي منزلة الأخ، وتلتقي بهم مجتمعةً أو فردًا بملابس لا يليق أن يراها بها إلا محارمها وزوجها، ولكن هذا ما كان يحدث!! فكنت عندما أراهم في عمارتنا يصعدون كنت أسال أمي عن الأغراب الذين يترددون إلى شقة أم عفاف جارتنا، فكانت تنزعج وتنهرني بألا أتدخل في شيء لا يعنيني، ولكن من المؤكد أنهم أقاربهم، وهذا لا يعنينا أيضًا. كنتُ قوية الملاحظة فكانوا يترددون إليها بعد ذهاب زوجها إلى عمله ليأتي آخر اليوم فهو يكاد لا يري أمامه من التعب، فما كان جزاء الثقة في زوجته إلا الخيانة! تحدثتُ مع عفاف ذات مرة عندما رأيتهم وقلت لها: - من هؤلاء الأغراب؟! - إنهم أصدقاء أبي وأقاربه. - لكن أبوكِ غير موجود، فلماذا هم عندكم؟! فانصرفتْ تجر ما ابتاعته في حزن. كنت أشعر أن "عفاف" تكره ما يحدث لها كطفلة، لكنها اعتادت الأمر فيما بعد؛ فهو كان قانون البيت وطريقة حياتهم!! كانت تكرهني جدًا ولا أعلم السبب، هل لأني كنتُ أعرف سرهم ولا أستطيع أن أواجه أمي بما عرَفته فيما بعد عن سيرتهم من أحاديث الفتيات والمدرسين عن أم عفاف؟! لم أرَ في بيتنا إلا الطهر والحفاظ على الشرف والحب والإخلاص بين أمي وأبي، فأصبحتُ فريدة "الخام" كما نعتوني!