وصف الكتاب:
نظر الولد إليه مندهشا، فلم تكن تلك المرة الأولى التي يأتي فيها لزيارة والده في المعسكر، كان هذا المجند وزملاؤه يرحبون به ويتبادلون المزاح معه، فما الذي حدث؟ لم يدعه الجندي الشاب في حيرته طويلا، اذ قال له هامسا: - معلش يا حامد ما تطولش كتير جوة وماتخليش حد يشوفك. قالها وهو يشير إلى شجرة ضخمة وارفة الأغصان في نهاية المعسكر حيث كان يقف الصول محفوظ مع أحد زملائه، ما تتأخرش علشان ما تتسبب ليا ولا لأبوك للصول محفوظ في أي ضرر. أسرع حامد إلى أبيه، وما إن لمحه محفوظ حتى أصابه القلق والتوتر مخافة أن يكون هناك شيئا ما قد حدث، متسائلا بينه وبين نفسه عن السبب الذي أتى بولده إيه هنا بعد أن نبه على أولاده جميعا بعدم الحضور إلى المعسكر في تلك الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد، لم ينتظر الرجل وصول ولده إليه، بل استأذن من زميله الذي كان يتحدث معه ومشى باتجاه حامد الذي كان قلبه يخفق بعنف من كثرة المجهود الذي بذله في الطريق الذي لا يتحمله جسده الهزيل. - فيه إيه يا حامد؟ إيه اللي جابك؟ قالها الأب بشيء من الغضب والقلق، نظر إليه حامد بفرحة متبسما في وجهه الأبيض الُمشرب بالحمرة، والذي كان يشبه الاجانب ببشرته شديدة البياض وعينيه الزرقاوين مع جسد متناسق طويل القامة وأنف متوسط وشفتين دقيقتين.