وصف الكتاب:
كثيرةٌ هي الحلول والفرص ونحن لم نكن نضجنا بعد، وحين ننضج ننضج في الوقت الضائع بلا أي فرصة متاحة. تتساءل أحيانًا بماذا أفادني النضج بعدما فاتت الفرصة ولم يكن بالإمكان فعل شيء إلا أن أعيش لأنعي الحظ الذي فلَت، حتى في نضجك وخبرتك شيءٌ من اللعنة؛ رغم اختراقك السنين الطويلة، مخلفًا وراء ظهرك مشاهد وأحداثًا ما كنت تشعر بها وقت حدوثها، فإن استدعاءاتك لها لتُخضعها للتشريح والفحص أمرٌ قاسٍ جدًا، لا سيما إن كنت جراحًا غشيمًا في الصنعة بأدوات ليست هي الأفضل، وأيضًا إن أيقنت وأنت تشرح ماضيك أنك كنت مغفلًا، ساذجًا في بعض القرارات في حياتك ولم تكن محتاجةً نضجًا؛ إنك كنت معاقًا ذهنيًا -على ما يبدو- ثم تعافيت بعدُ، وأخفوا عليك هذا. هل تعرف يا صديقي، ما معنى أن يتشظّى إنسان؟ بالتأكيد جاء في ذهنك صورة أحدهم وهو ينفجر بعبوة ناسفة فتتشظى جثته وتتناثر بكل مكان، حتى لو كما تخيلت فهذا أخف وطأةً ممن تشظّت هُويته أو فقد ذاته! بعد انتهاء الجسد لا نفس ولا وجدان ولا مخيّلة، وحتى الروح العائمة في اللامكان واللازمان واللاحجم واللاكتلة، لا تشعر بها وقت أن تخلّت عنك هاربةً وتركتك جسدًا لا حركة فيه، كأن لم تكن، لكن الأقسى هو أن تكون روحك مستماتةً فيك، ترضى بعذابها لأجل أن تزيد من عذابك نفسيًا..