وصف الكتاب:
تأخرت نزلة عصام عدة شهور.. وصلته خلالها رسالة من شغف تقول له أن لمساته تتحرك في صدرها، وأنها تحلم به كثيرا، انتشى بالكلمات وأعاد قراءتها مرات ومرات، وذهب ذهنه في رحلة للقرية؛ التقى بها، وجدها تنتظره حيث قبلها أول مرة.. قبلها بحرارة، وهي احتضنته بشوق، وتمادت يداه من شعرها لأسفل ظهرها، رآها تعانقه كما لم تفعل أنثى من قبل، قلبها بين يديه مثل ريشة خفيفة تضج أنوثة وإثارة.. تدحرجا على الإسفلت، كان طريا ولينا، وقعا في الجدول، ورغم برد الشتاء، وجدا الماء دافئا!. لم يعد سر شروده خافيا على أحد من رفاق السلاح، انضمت شغف لعائلة المرابطين في قلب الصحراء، وعندما يكتمل القمر وتصحو السماء يتناوب العسكر في رواية حكاياتهم ويستحضر عصام شغفه ويروي لرفاقه حكاية حبه المستجد، وتكبر الحكاية مثل شجرة صغيرة يرويها التكرار فتمتد جذورها في الماضي، ويكتشف عصام أنه يعرف شغفا منذ زمن طويل ويستذكر كم مرة صادفها في طريقها للمدرسة أو في أحد حوانيت القرية أو في عرس ما، وتتكرر الحكاية وترتوي الشجرة مزيدا من العشق وتكبر فروعها وتورق مزيدا من الذكريات السابقة، وترتفع الأغصان عاليا لتحوك قصصا طويلة ستحدث بينهما في المستقبل، حبا ومشاوير وزواجا وطبخا وأولادا، وأحيانا ترتفع بعض الأغصان عاليا فوق ما يخطر في البال، ويرى هنالك في الأعالي أحفاده يتحلقون حوله وهو يروي لهم قصة القبلة الأولى، ويسأله النقيب فهد: ستحكي للأطفال قصة عناقك أنت وجدتهم؟ يقهقه عصام: هذا الجيل يخرج من البيضة وهو يعرف كل شيء عن الجنس من النطفة للبيضة! يقهقهون كلهم وتتعالى الضحكات ويرتفع أزيز الرصاص حولهم وتنقطع الرواية في أجمل لحظة.. يتأفف عصام بغضب، وينقلب الحب حنقا وحقدا.. يسدد رشاشه باتجاه بعيد ويضغط على الزناد، تتداخل الأصوات ويرتفع الغبار ويتلاشى وجه شغف خلف ضباب كثيف!!