وصف الكتاب:
تتبلور شخصية الكاتب من خلال الظاهرة الإنعاسية التي تتولد من تأثير السياقات الخارجية الاجتماعية والتاريخية والنفسية المُحيطة به من خلال المجتمع الذي يعيش فيه ويستقي ثقافته وميوله وطباعه الخاصة وكذلك ما يجري في العالم من تغيرات سياسية وفكرية على الصعيد المعلوماتي أو الصعيد الفكر الاجتماعي او الاقتصادي أو العقيدة الدينية والمذهبية التي لها الدور الكبير في صقل شخصية الكاتب والتي تجره لا شعورياً ولا ارادياً إلى انزال وزَّج فكرته التي طالما بقية تأن وتَلح عليه فكلما ابتعد إلى خلق شخوص وأبطال لقصصه ومكان وزمان إلا كانت ذاته احدى تلك الشخوص أو يكون هو أحد أبطال قصة أو أخرى لتأثير الحالة النفسية والمحيط الذي عاشه الكاتب فترة طويلة من العمر لذلك كانت الذكريات تحوّم وتهبط وأمواج البحر تضطرب لتخرج لنا ما هو مكبوت في باطنها كما في قصة " بلد الغريب " الذي يتحدث فيه الكاتب عن شخوص وأماكن كان لها الأثر البالغ في نفسيتهم وكلما هبت رياح الاشتياق كلما زاد الحنين إلى تلك البقعة التي تعتبر قطعة من جسد وحياة هولاء الشخوص وكذلك بالنسبة لبطل القصة فقد ورد فيها " فأغلبنا سرق منه البعد لقاء الأحباب والجلوس بينهم؛ فكم الآهات هائل لا تحسبه الأرقام والحروف وكدمات وأشواق فنحن معشر سوايسة أمدرمان البحر لنا نغسل فيه وعثاء الأيام ونبني عليه أملاً لمستقبل زاهر"1 .. " ... إن القصة هي أكثر جنس أدبي يطرح أسئلة عن الواقع والحقيقية وزيادة على ذلك يحمل النص القصصي نمطاً معرفياً ابستمولوجياً متمثلاً بوعي الكاتب من خلال منظوره العام أو وجهة النظر المطروحة التي نراها في النص القصصي وحين يختار القصصي راوياً ما ليكشف لنا من خلاله العالم المحيط به والشخصيات الاخرى التي لا يجرؤ على كشفها شخصياً "2.. وبذلك تكون البنى السّردية في قصته تعتمد على وعي القاص وكل ما يحيط به والارهاصات التي الداخية التي تُحرك شعوره لا ارادياً إلى زّج واضرام النار في داخل عقدة القصة حتى تصل للإنفرج في النهاية على أن تكون البداية والوسط والخاتمة مترابطة وفق نسق لغوي وتداخل أحداث شائكة في وسط القصة أي العقدة وفي زمن واحد دون الإخلال بشروط القصة القصيرة لذلك كانت حرية التعبير والتحرر من العبودية هي الشغل الشاغل والمحرك الرئيسي لتوجيه أحداث القصة حيث أن التحرر والحرية هي صفة لازمة للإنسان وحتى الحيوان لذلك كانت قصة " الحرية كما خلقها الله " تعتبر صرخة بوجه الظلم والطغيان وكبت الحريات كما ورد فيها " الأشياء دون قيود تكون أجمل ويعطي في الأصل صاحبها أظن أن هذه الحرية المطلقة كما خلقها الله أن تنمو الأشجار وتلد الثمار وأن تتكاثر الحيوانات والأنعام وأن يعتقد الانسان ما فطرعليه دون أن يملي على أحد ويمارس ما يريد ويشتري ويبتاع ممن يشاء " 3.. أما قصص " الجمعة المشرقة, البحث مستمر, وردية ليل, قوارب الرحيل, الدخان, وادي أزوم, الاحتواء, حرب الأمواج, الترقب" ... جاءت تلك القصص بأسلوب سردي يقترب من الواقع ويمس ذات الكاتب مما يولد انطلاقه من موهبته الجيّاشة والممزوجة مع تجاربه في الحياة ومرجعياته الفكرية والثقافية وما نهل من اطلاعه وتأثره بالأدب السوداني والمصري وتأثيره الشديد بالمكان الذي يُعتبر قطعة من جسده بلده العزيز وحمله أمانة الدفاع عنه بالكتابة التي لابد أن يكون الهدف الاساسي والسامي يصب في خدمة البشرية ونبذ كل الافعال السيئة والمخالفة للشرع والقانون وطموحه وحلمه الوحيد التحرر من العبودية في كل أشكالها القابعة على صدر العالم العربي والأفريقي والبلدان الاخرى في انسان حالم كما هو الحال عند كل انسان شريف يطمح في بلد يسوده الحب والطمأنينة والتحرر الفكري والديمقراطية الحَقيقية وليست المُزيفة... قصص مُثيرة وجميلة وفيها الاثارة والدهشة ومتعة السرد أتمنى للكاتب المزيد من التقدم في كل المجالات.