وصف الكتاب:
استطاع فيروس كورونا أن يشعل فكر وخيال أغلب كتاب القصص والروايات ويكون مصدر إلهام لهم ليخرجوا بإبداعات من وحي تلك الحالة التي دخل فيها سكان الأرض بسبب تلك الجائحة. استوحى حسن عبيد عيسى رواية «وهم الكورونا» من حالة الفزع والترقب وأبدع في سلاسة الأحداث لتتناسب مع واقع يعيشه العالم. مقتطفات من «وهم الكورونا» يقول المؤلف في الرواية: «رأيت إثنين من المعزّين يغادران قاعة العزاء وكل منهما يخفي نصف وجهه خلف كمامة قماشية خضراء حتى داهمني الخوف.. في الحال تذكرت الموت الذي أودى بحياة الصينيين في الطرقات واحتشدت صور ارتعاشهم الأخير وهم يلفظون أنفاسهم، وكيف كنت أتماهى معهم وأنا أشاهد ذلك الموت الكثيف مما كان يشعرني برجفة مماثلة.. لماذا توقفت بعد أن قرأت اللافتة؟.. لماذا دخلت القاعة وقد تذكرت كل ذلك؟.. الآن والفيروس القاتل يصول ويجول بين بيوتنا ؟ هل سيكون تقديمي للعزاء سبباً في دخول المرحوم الجنة؟.. هل إن صديقي سيشطب صداقتي من سجل أصدقائه لو علم أني لم أحضر لأعزيه؟.. بل هل سأطرأ على باله أصلاً؟. وكالسهم القاتل، بدا صديقي المنكوب بأبيه مندفعاً نحوي محيياً إياي مرحباً بمقدمي فاحتضنني وراح يقبلني شاكراً حضوري وتجشمي هذا العناء.. لحظتها وأنا أشعر بوخز شعر ذقنه في صفحة وجهي، خيّل إليّ وكأن الفيروس المرعب تراكم على وجهي وكفيّ وربما تسلل إلى فمي وأنفي.. ساعتها نسيت كل عبارات التعزية التي تقال في هكذا موقف.. كنت واجماً أتخيل نفسي الضحية التالية للكورونا منتظراً اللحظة التي سأرجف فيها رجفة الموت.. كم ألف شخص من المعزين صافحهم وقبّلهم صاحبي هذا؟.. كم من هؤلاء يحمل على بشرة يديه أو جلدة وجهه فيروسات قاتلة انتقلت اليه لينقلها لي بأمانة؟.. قادني الرجل إلى مكان إختاره لجلوسي.. واجماً تبعته لأجلس حيث أشار علي، ساعتها لم تخطر ببالي الأصول المعروفة في الجلوس في مجالس التعزية.. إذ عليّ أن أطلب من الحاضرين أن يشاركوني تلاوة سورة الفاتحة.. ولكني وقد كنت مذهولاً مشدوهاً مرعوباً نسيت ذلك كلّه، فرميت جسدي على الكرسي وبدلاً عن تلاوة الفاتحة رحت ألعن في سري الساعة التي قررت فيها الحضور لتقديم التعازي.. لاشك أن سلوكي الغريب أدهش الجالسين وبضمنهم صاحبي الذي لم يغادر المكان الذي أجلس فيه منتظراً أن أتلو سورة الفاتحة ليشاركني فعلي….