وصف الكتاب:
تخصص الطب الوراثي يختلف مع التخصصات الطبية الأخرى في العلاقة بين الطبيب وعائلته في عدة أمور أهمها ما يلي: 1) أن طبيعة الأمراض الوراثية في الغالب أمراض مزمنة وتمتد في كثير من الأحيان لتشمل عمر المريض كله، وكمثال أمراض التمثيل الغذائي والتي تم إعطاء فكرة سابقة عنها في الفصول السابقة وهي باختصار تنتج عن نقص وراثي لأحد البروتينات والتي تكون إما في شكل إنزيمات أو هرمونات. هذه الأمراض تحتاج حمية خاصة أو أدوية معينة في جميع مراحل الحياة من الولادة إلى الشيخوخة. الطب الوراثي يربط المريض بالطبيب لذلك يكون ارتباط المريض مع طبيبه فترة طويلة على مدار العمر تتولد معها علاقة ترتقي إلى مرحلة الصداقة بل أكثر وكسر كل الحواجز بين المريض وطبيبه المعالج. 2) وبسبب ما ذكر سابقًا فإن المريض يكون محتاجًا إلى طبيبه المعالج بشكل يومي أو أسبوعي للسؤال عن العلاج والحمية والوقاية من هذه الأمراض، بل في أحيان كثيرة يستشير المريض طبيبه في أمور اجتماعية خاصة مثل السفر أو زواج أحد الأبناء أو الأقارب وغير ذلك. هذه الحاجة وثقت العلاقة القوية بين المريض والمختص في الطب الوراثي مما جعل الطبيب نفسه يفكر دائمًا في حاجة مرضاه وكيف يستطيع أن يساعدهم في جميع النواحي سواء الصحية أو المعنوية أو النفسية أو الاجتماعية. وقد لا يستغرب اتصال المريض في أوقات غير معتادة كآخر الليل لأمر طارئ يسأل عنه مثل حدوث أعراض جديدة أو ضبط العلاج والتغذية مما يجعل الطبيب يتحلى بالصبر بل بالرضى لمساعدة إنسان يكون في أمس الحاجة وفي أحلك الظروف. وبهذه المناسبة فإني أذكر جميع الزملاء ممن يعملون في هذا التخصص الاحتساب وتذكر الأجر العظيم لخدمة المرضى ورسم الابتسامة على وجوههم وهم يعانون من هذه الأمراض المزمنة. تأثر جميع العائلة بالمرض الوراثي 3) ومن طبيعة هذه الأمراض هو تأثر كل أفراد العائلة بالمريض سواء الوالدين أو إخوان وأخوات المريض فتصبح كل العائلة في دائرة مركزها هو المريض. إن حاجة المريض لأمور خدمية وأغراض طبية أو أدوية أو تغذية خاصة تجعل الإنفاق المالي عاليًا وضروريًا على كاهل الوالدين على حساب الأمور الترفيهية والتحسينية في الحياة. إن الدراسات الطبية والاجتماعية أثبتت أن تماسك الأسر حتى في المجتمعات الغربية يزيد بسبب وجود هم مشترك وهو المريض الذي يجمع شمل الأسرة فما بالك بالمجتمعات المسلمة التي تريد الأجر والثواب من الله بسبب إحسانها لإنسان ضعيف ومحتاج، فكما نعلم أن امرأة دخلت الجنة بسبب سقيها الماء»..